ولكنه لا يخفى عدم ورود هذين الإشكالين . أما إشكال عدم وجود المعروض في باب الدين والسلم فلما عرفت أن الملكية من الجدة الاعتبارية ، فلا تحتاج إلى معروض خارجي ، ولم يدل دليل على اعتبار الملكية في المبيع . وأما إشكال اعتبار المالية للبائع ففيه : أن المالية معتبرة في المبيع . وأما كون المبيع قبل البيع مالا للبائع فلا دليل عليه . ولا شبهة أن منا من الحنطة مال عرفا ويبذل بإزائه المال وإن لم يكن ملكا ، فإن بينهما بحسب المورد عموما من وجه ، فإن المباحات الأصلية ومنا من الحنطة بعنوان الكلي مال وإن لم يكن ملكا ، وحبة من الحنطة ملك وإن لم تكن مالا ، وليس البيع إلا تبديل المال بالعوض ، لا الملك . وبالجملة : وإن لم يكن في ذمة البائع شئ وبنفس العقد يستقر مال على عهدته ، إلا أن هذا كاف لتحقق المعاوضة وتبديل طرف الإضافة الاعتبارية ، فإن العقلاء يعتبرون مالية هذا المال ، وعمل الحر إذا صار عوضا يدخل في الأموال بهذا المعنى ، فلا يستشكل بأن الحر ليس مالكا على نفسه ، وليس له على ذمة نفسه مال ، وذلك لكفاية هذا المعنى ، وهو جعله عوضا عرفا وكونه مالا اعتبارا في جعله عوضا عن المبيع شرعا . نعم ، بين عمل الحر والعبد فرق من غير هذه الجهة ، كما إذا حبس العبد فإنه يضمن منفعته ، دون ما إذا حبس الحر فإنه لا يضمن إلا إذا كان أجيرا ، وغير ذلك مما هو مذكور في محله . هذا ، مع أنه لو لم يكن عمله قابلا لصحة جعله عوضا لما صح إجارة الحر نفسه ، فإن الإجارة لا بد وأن تتعلق بالمال . وبالجملة : لا ينبغي الإشكال في صحة بيع الكلي سلما أو حالا وجعل عمل الحر عوضا ، لا من باب أنه شبهة في مقابل البداهة ، بل لعدم كونه شبهة أصلا ، فإن قوله عليه السلام : ( لا بيع إلا في ملك ) [1] ونحوه [2] ليس المقصود منه أنه يعتبر أن يكون
[1] المستدرك للحاكم : كتاب البيوع ج 2 ص 17 . عوالي اللآلي : ج 2 ص 247 ح 16 مع اختلاف يسير . [2] من لا يحضره الفقيه : ج 3 ص 242 - 243 ، ح 3886 .