ثم إنه لا فرق بين التعذر الطارئ للمثل والتعذر الابتدائي ، سواء أقلنا بالانقلاب أم لم نقل كما هو الأقوى ، فإن ظاهر عنوان التذكرة في قوله : لو تلف المثلي والمثل موجود ثم أعوز [1] وإن كان اختصاص النزاع بالتعذر الطارئ - بل هو صريح جامع المقاصد ، لأنه قال : لو تعذر المثل ابتداء يتعين حينئذ قيمة يوم التلف [2] - إلا أن الأقوى عدم الفرق بينهما ، فإن غاية ما يتوهم من الفرق : أن التعذر البدوي بمنزلة كون العين قيمية ، ولكنه فاسد ، فإن القيمي ما لا يوجد له مثل في الصفات كالحيوانات والفيروزج والعقيق ونحو ذلك ، لا ما كان في جنسه مثليا ، ولم يوجد مثله من باب الاتفاق في عصر من الأعصار مع وجوده قبل ذلك وبعده ، فمن التزم بأن التعذر الطارئ لا يوجب الانقلاب فيجب أن يلتزم بأن التعذر الابتدائي أيضا كذلك . وبعبارة أخرى : كما أن استدامة وجود المثل ليس شرطا لتعلق الضمان بالمثل ، بل يمكن بقاء المثل في الذمة مع إعوازه فكذلك التمكن منه ليس شرطا لحدوثه . نعم ، بين التعذر البدوي والطارئ فرق من جهة أخرى ، وهي أن التعذر البدوي قد يوجب الشك في أن العين مثلي أو قيمي ، ولكن هذا الشك مندفع بملاحظة وجود المماثل للعين قبل ذلك أو بعده . وكيف كان ، العين إذا كانت مثلية لا تنتقل إلى القيمة بمجرد تعذر مثلها ، سواء تعذر حين تلف العين أو بعده . ثم لا فرق في التعذر بين أن يكون خارجيا أو شرعيا ، كما لو فرض أن جميع مماثل العين صار نجسا ولا يمكن تطهيره كالدهن أو الخل صار خمرا . . . وهكذا فللمالك إلقاء الخصوصية والمطالبة بالقيمة . الثالث : هل إلقاء الخصوصية والتجاوز عن الصفات موجب لسقوطها عن ذمة
[1] تذكرة الفقهاء : كتاب الغصب ج 2 ص 383 س 15 . [2] جامع المقاصد : كتاب الغصب ج 6 ص 81 ، 254 . وفيه : أنه لم يقيد التعذر بالابتداء .