كل لاحق بعد تعذر سابقة ، وهذا بخلاف سائر الأعمال فإنه بمجرد التخلف يتعذر الشرط ويثبت الخيار . والسر فيه أن التمليك طريقي آلي لا يشترط فيه المباشرة . فلأن الإباحة ليست بنفسها أمرا حاصلا للمالك ، لأن ما هو الحاصل له هو الملكية ، وهي قابلة للتبديل ، لأن زمام أمرها بيده ، بخلاف المباحية فإنها تحصل بإباحة المالك لغيره ، وليست هي حاصلة للمالك في عرض الملك ، وجواز تصرف المالك في ملكه من أثار مالكيته لا من آثار إباحته له . قوله قدس سره : ( وأما إباحة جميع التصرفات حتى المتوقفة على الملك فالظاهر أنه لا يجوز . . . إلى آخره ) . حاصل مرامه : أنه لو قصد أحدهما الإباحة والآخر التمليك أو قصد الإباحة بإزاء الإباحة يشكل صحة هذه المعاملة ، لأن التصرفات المتوقفة على الملك لا تسوغ لغير المالك بمجرد إذن المالك ، ولا يمكن التمسك لصحتها بعموم ( الناس مسلطون على أموالهم ) [1] . وليس عمومه بمنزلة دليل خاص يدل على صحة التصرف حتى يكون مخصصا لأدلة ( لا بيع إلا في ملك ) . [2] مثلا ، أو يقدر الملك آنا ما ، وذلك لأن عموم ( الناس مسلطون ) إنما يدل على تسلط الناس على أموالهم لا على أحكامهم . فالأدلة الدالة على عدم صحة البيع والعتق ونحوهما - إلا في الملك - حاكم على عموم ( الناس ) . والموارد التي يقدر الملك فيها آنا ما لا يخلو من ثلاثة ليس الإذن في التصرف منها : الأول : استيفاء المال أو العمل بالأمر المعاملي : كقول الآمر لمالك العبد أعتق عبدك عني ، ونحو ذلك . والثاني : ملك العمودين . والثالث : تصرف ذي الخيار فيما انتقل عنه . وتقدير الملك في هذه الموارد ليس بمجرد الخيار والتصور حتى يتصور في كل مقام ، بل له حقيقة تقتضي الأدلة تقديره في هذه الموارد .
[1] مر تخريجه في الصفحة : 92 . [2] مر تخريجه في الصفحة : 103 .