أنّ الشرع قد حرّم من النسب سبعا ومن السبب أربعا ، والمحرّم في السّبع هو الأمومة والأختية والبنتية وكون المرأة عمّة أو خالة أو بنت أخ أو أخت ، وفي الأربع كونها منكوحة لأبيك أو ولدك بالعقد وكونها أمّ من عقدت عليها أو بنت من دخلت بأمّها ، وليس في عموم المنزلة نسبة رضاع إلَّا وهي مغايرة لهذه النسب الإحدى عشر ، إذ غاية الأمر أن تكون أمّ أخيك مثلا في الرضاع إمّا أمّا أو زوجة أب في النسب وأمّ ابن أختك فيه أختا ، وأمّ نافلتك إمّا بنتا أو زوجة ابن ، وجدّه ولدك إمّا أمّا أو أمّ زوجة [1] ، وأخته إمّا بنتا أو ربيبة وهكذا ، ونسبة النسب في جميع ما ذكر أعمّ لانفراد الامّ وزوجة الأب فيما لو لم يكن لأبيك ولد غيرك والأخت والبنت وزوجة الابن وأمّ الزوجة فيما إذا لم يكن لهنّ ولد أصلا والبنت والربيبة فيما إذا لم يكن لك ولد ، وبعد تحقّق العموم والخصوص لا يندرج أمّ أخيك وأشباهها [2] فيما يحرم من الرضاع ، لعدم الاندراج فيما يحرم من النسب . وبالجملة فالتحريم قد تعلَّق بالأمّ والأخت مثلا للأمومة والأختية لا للنسبة التي هي أخصّ من كونهما أمّي أخ وابن أخت ، ولو كنّا ممّن يعمل بالقياس فأردنا قياس أمّ الأخ مثلا في التحريم على الامّ وزوجة الأب لم يستقم ذلك ، لأنّ القياس شرطه وجود الجامع ، وهو أن يوجد في المقيس العلَّة المظنون كونها في المقيس عليه سببا في الحكم . وليس العلَّة في تحريم أمّك كونها إمّا لأخيك ولا جدّة لولدك ، ولا في تحريم ابنتك كونها أمّ نافلتك ، بل ليس كونها أمّ نافلتك إلَّا مثل كونها زوجة لصهرك ، وأبنت عمّ لابن أخيك ، وإن كان ذان علَّة في التحريم ، فكونها أمّ نافلة علَّة أيضا ، ومن ثمّة جاز لك أن تنكح في أخوات أخيك وخالك وعمّك مع اختلاف الأب ، فقد بان أنّ عموم المنزلة بكونه جزافا أحقّ من أن يكون فقها .