الإضرار الأخرى التي تلحق بالمجني عليه فإن لها حسابها وحكمها الخاصّ . فالصحيح أن روايات الدية أجنبية عن نفي ضمان ما يتسببه الجناية من الإضرار المادية الأخرى على المجني عليه ، ومنها نفقة معالجته فإذا كان الإضرار موجبا للضمان ثبت الضمان لها زائدا على الدية . بل يمكن أن يقال بأن اللازم على الجاني أولا الإنفاق لمعالجة المجني عليه ، والحيلولة دون قطع عضوه أو حصول نقص فيه إن كان ذلك ممكنا فعلا ، فلا تصل النوبة إلى الدية الكاملة للعضو فمسؤوليته الأولى إرجاع وصف الصحة في البدن وفي أعضائه للمجني عليه ، فإذا بقي نقص أو شين أو جرح بعد ذلك كان ضامنا لديته أو لأرش نفس ما وقع من الجرح والألم ؛ لأنه مسؤول وضعا وتكليفا عن رفع كل ضرر أوقعه عليه إذا كان رفعه ممكنا ، بمقتضى أدلَّة حرمة الإضرار ولا ضرر ، وبمقتضى أدلة حرمة مال المسلم ودمه ، وانه لا يذهب حقه هدرا ، وبمقتضى سيرة العقلاء أيضا . ثم إنه إذا لم يمكن إثبات ضمان الجاني لنفقة علاج المجني عليه زائدا على الدية بقاعدة الإضرار بالعنوان الأولي ، فبالامكان إثبات ذلك مطلقا أو في موارد خاصة بالعنوان الثانوي ، وبحكم وليّ الأمر نظير الغرامات المالية الأخرى التي يجعلها في موارد التخلَّفات ، فيجعل لمن يتخلف ، فيجني على شخص ولو خطأ غرامة مالية بقدر نفقة علاجه اللازمة بحسب متطلبات الزمان يدفعها للدولة ، فتصرفها الدولة في علاج المجني عليه ، أو تتحمّل علاجه مجّانا في قبال ما تأخذه من الجاني ، كل ذلك بملاك حفظ النظام والصالح العامّ ، والتأمين على حياة المجني عليهم ، وتوفير العلاج اللازم لهم ولسلامتهم ، ولا شك ان هذا داخل ضمن نطاق صلاحيات الحاكم الإسلامي ومطابق مع المصلحة العامة في مثل أزمنتنا ، بل لعلّ خلافه يعد إجحافا وظلما على المجني عليهم ، بحيث