من الواضح أنّ البحث ليس عن حكم هذا العنوان بنحو الشبهة الحكمية ، بأن يتوهّم حرمة استخدام الماكنة في الذبح ، وإنّما المقصود البحث عن مدى تحقق الشرائط المعتبرة في حلَّية الذبيحة شرعا ، في ما يذبح اليوم بهذه المكائن المتطوّرة السريعة الذّبح ، حيث وقع الإشكال فيه من قبل بعض الأعلام . وما يمكن أن يكون منشأ للإشكال أحد أمور : الأمر الأوّل : انتساب الذبح لغير الإنسان : فقد يرد الإشكال من ناحية عدم انتساب الذّبح إلى الإنسان ، بل إلى الآلة ، ويشترط في حليّة الذبيحة أن تكون ذبيحة الإنسان ، بمقتضى قوله تعالى : * ( حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ ) * . * ( إِلَّا ما ذَكَّيْتُمْ ) * [1] . الظَّاهر في اشتراط أن تكون التذكية - وهي الذبح الشرعي ، كما يدلّ عليه قوله تعالى * ( وما ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ ) * [2] - تذكية الإنسان ، والذبيحة ذبيحته ، لأنّ مقتضى إضافتها إلى الإنسان ، خصوصا مع كونها استثناء عن المنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع ، مما يكون زهاق الروح فيه لا بفعل الإنسان - سواء كان استثناء عنها جميعا أو عن خصوص ما أكل السبع - فإنّه يدلّ على أن ذلك ليس حلالا ما لم تصدر التذكية عن الإنسان ، ولو بأن يدرك الحيوان حيا فيذكَّيه . ولعله المراد أيضا بقوله تعالى * ( فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ ) * [3] الظاهر