النصراني واليهودي ، فيكون الاقتصار على شرطية التسمية ، بل حصر المطلب فيها دالا على نفي غيرها . وإن شئت قلت : إنّ السؤال والجواب في هذه الروايات محمول أيضا على القضية الحقيقية لا الخارجية ، وبنحو القضية الحقيقيّة يمكن فرض تعمّد مخالفة القبلة حتى من أهل الكتاب ، فلو كان شرطا كان ينبغي ذكره . وهكذا يتّضح أنّ مقتضى إطلاق الأدلَّة الأولية كتابا وسنّة نفي هذه الشرطية فيكون هو المرجع عند الشكّ وعدم ثبوت دليل عليها مطلقا أو في حالة معيّنة . وينبغي حينئذ على مدّعي الشرطية إقامة الدليل ، وقد ذكرنا أنّهم استدلَّوا على ذلك بالإجماع وبجملة من الروايات . أمّا الإجماع : والذي جعله في المستند هو العمدة ففيه - مضافا إلى أنّه في مثل هذه المسألة التي تتوفّر فيها روايات عديدة تأمر بالاستقبال بالذبيحة لا يكون تعبّديا ، خصوصا إذا لا حظنا أنّ عبارات الفقهاء في كتبهم هي تعبيرات الروايات نفسها - أنّ أصل حصول الإجماع غير ثابت ، وإنما الثابت عدم التصريح بالخلاف من قبل أحد . بل نلاحظ أنّ الشيخ المفيد في المقنعة [48] يذكر الاستقبال في سياق عدم قطع رأس الذبيحة قبل البرد ونحو ذلك ممّا لا يكون شرطا في التذكية ، بل المشهور عدم حرمته ، وإنّما هو أدب من آداب الذبح ، فلعلَّه كان يرى أن هذا أيضا من آدابه ، أو أنّه أمر تكليفي وليس شرطا في الحلَّية . كما أنّ الشيخ قدس سره لم يذكر الاستقبال أصلا في مبسوطه ولا في خلافه ، مع أنّه ألَّفه لبيان ما يخالف فيه مع الجمهور ، وإنّما ذكره في النهاية بعنوان وينبغي أن يستقبل بذبيحته القبلة المشعر بعدم الوجوب ، وإن كان قد ذيّله بعد ذلك بأنّه « فمن لم يستقبل بها القبلة متعمّدا لم يجز أكل ذبيحته » [49] .