جانب من جوانب السماء يقصدونه لاستراق السمع ( ودحورا ) أي طردا مفعولا لأجله أي يقذفون للطرد أو مفعول مطلق لقربه من معنى القذف ( لهم عذاب واصب ) في الآخرة ( والواصب ) الدائم الشديد ( إلا من خطف الخطفة ) استثناء من فاعل يسمعون أي اختلس خلسة من كلام الملائكة ( فأتبعه شهاب ثاقب ) أي تبعه شهاب مضئ كأنه يثقب الجو بضوئه والشهاب ما يرى كأن كوكبا انقض [1] ( وما خمنه الطبيعيون ) من أنه بخار فيه دهنية يصعد إلى كرة النار فيشتعل لم يثبت ولو صح لم يناف ما دلت عليه الآية الكريمة ولا ما دل عليه قوله جل شأنه ( إنا زينا السماء الدنيا بمصابيح وجعلناها رجوما للشياطين ) فإن الشهاب والمصباح يطلقان على المشتعل وكل مشتعل في الجو زينة للسماء ولا استبعاد في اصعاد الله سبحانه ذلك البخار الدهني عند استراق الشيطان السمع فيشتعل نارا فتحرقه وليس خلق الشيطان من محض النار الصرفة كما أن خلق الإنسان ليس من محض التراب فاحتراقه [2] بالنار التي
[1] ويجوز أن يكون المنقض بعض الكواكب الصغيرة التي لا ترى لبعدها أو التي ترى ويخلق سبحانه عوضها في الحال فلذلك ترى على حالها من غير انتقاص والله أعلم بحقيقة الحال ( منه رحمه الله ) [2] هذا جواب عما يقال إن الشيطان مخلوق من النار فكيف تحرقه النار وقوله ولعل الشياطين لا يسمعون إلى آخره جواب عما يقال إن كرة النار في طريقهم فكيف يتجاوزونها ولا يحرقون وتقرير الجواب إن وجود كرة النار لم يقم عليه دليل يعول عليه ولو سلمنا فيجوز أن تسميع الشياطين كلام الملائكة بصعودهم إلى قرب كرة النار ولا يتوقف سماعهم على الارتقاء في الصعود عن ذلك القدر ( منه رحمه الله )