[ . . . ] قلت : سلمنا ذلك ، ولكن نتيجته - أيضا - هو المنع عن الدم من جهة كونه جزءا لما لا يؤكل ، إذ ينتهي الأمر عند تساوي الموثقة وأدلة العفو في الدلالة ، إلى التعارض بينهما ، فتتساقطان ، والمرجع هو عموم أدلة المنع . ولا يخفى : أن هذا الوجه هو المعتمد ، فالحق المختار في المقام هو منع دم نجس العين عن الصلاة ولو كان أقل من الدرهم ، وهذا لا لكونه دما نجسا حتى يقال : إن أدلة العفو شاملة له ، بل لأنه جزء من غير المأكول . ويؤيد ما اخترناه ، استبعاد العفو عن دم نجس العين لو كان أقل من الدرهم ، وعدم العفو عن فضلاته الآخر ولو كانت في غاية القلة ، كلعابه وبصاقه وشعيرة منه ونحوها . الرابع : انصراف إطلاق أخبار العفو عن دم نجس العين ، لندرة الإبتلاء به ، بل هي منصرفة إلى الدم الذي يتعارف الإبتلاء به ، كدم الإنسان المسلم ، أو الحيوان المتعارف ذبحه ، فيبقى دم نجس العين تحت عموم أخبار وجوب الإزالة والمنع . هذا ، ولكن لا يمكن المساعدة على هذا الوجه وإن اعتمد عليه صاحب الحدائق ( قدس سره ) [1] ، وذلك ، لأن ندرة الإبتلاء وقلته لا توجب انصراف المطلق عن النادر ،
[1] الحدائق الناضرة ، ج 5 ، ص 328 ، حيث قال : " وأما دم الكافر وأخويه ، فالظاهر أنه لا عموم في الأخبار المتقدمة على وجه يشمله ، إذ لا يخفى أن المتبادر من الدم فيها إنما هو الأفراد الشائعة المتكاثرة المعتادة المتكررة الوقوع . . . دون الفروض النادرة التي ربما لا تقع مدة العمر ولو مرة واحدة ، فالواجب هو الحمل على الأفراد المتعارفة ، من دم الإنسان أو الحيوانات التي يتعارف ذبحها ، أو نحو ذلك ، وحينئذ يبقى على وجوب الإزالة وعدم الدخول تحت عموم أخبار العفو ، و لا ريب أن الإحتياط يقتضيه " .