[ . . . ] على أنه قد عرفت في مبحث نجاسة المتنجس ، عدم معقولية اجتماع نجاستين في محل واحد ، وقياس المقام بالمتنجس يكون مع الفارق ، إذ تنجس المتنجس بنجاسة أخرى أمر ، وتنجس النجس بنجاسة أخرى من مثله أو غيره أمر آخر ، والبحث هنا في الثاني ، لا الأول . الثالث : أن دم نجس العين كما ينطبق عليه عنوان الدم ، كذلك ينطبق عليه عنوان كونه من أجزاء غير المأكول ، وأدلة العفو ناظرة إلى العفو عن الدم الأقل من حيث كونه دما نجسا ، لا من جهة كونه من أجزاء ما لا يؤكل ، لعدم الإطلاق في تلك الأدلة بالنسبة إليها ، بل المرجع فيه أدلة مانعية أجزاء ما لا يؤكل عن الصلاة ، كموثقة ابن بكير ، قال : " سأل زرارة أبا عبد الله ( عليه السلام ) عن الصلاة في الثعالب والفنك و السنجاب وغيره من الوبر ، فأخرج كتابا زعم أنه إملاء رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أن الصلاة في وبر كل شئ حرام أكله ، فالصلاة في وبره وشعره وجلده وبوله وروثه وكل شئ منه فاسدة ، لا تقبل تلك الصلاة ، حتى يصلى في غيره مما أحل الله أكله " . [1] فهذه الموثقة - كما ترى - تدل على أن ما لا يؤكل لحمه - ولو لم يكن نجس العين - يكون مانعا مستقلا ، فلا تعارضها أدلة العفو عن الدم الأقل من حيث كونه دما نجسا ، لما عرفت : من أنها ناظرة إلى العفو عنه من ناحية النجاسة الدموية فقط ، بلا تعرض للعفو من ناحية أخرى ، كالجزئية لما لا يؤكل .
[1] وسائل الشيعة : ج 3 ، كتاب الصلاة ، الباب 2 من أبواب لباس المصلي ، الحديث 1 ، ص 250 ، والفروع من الكافي : ج 3 ، ص 397 .