responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مطارح الأنظار نویسنده : الشيخ الأنصاري    جلد : 1  صفحه : 236


لأن الفعل الواقع في مقام الخوف على النفس له وجه يغاير سائر وجوهه ويختلف الحسن والقبح باختلاف الوجوه المتحدة مع الفعل المنتزع عنه كما لا يخفى وقد ورد نظير ذلك في الأخبار بحيث لا يكاد يشوبه الإنكار فمن ذلك ما قد قاله الإمام عليه السلام فيما سأله السائل عن الوتر من وجوبه ثم فسره بوجوبه عن الرّسول وقوله أصبت ثم فسره بأصبت الباطل بم فسرّه فأصبت الباطل وقوله في الشخص إنهما إمامان عادلان قاسطان كانا على الحق وماتا على الحق ثم فسره بما ينافيه ظاهرا ولا قبح في ذلك الوجه بوجه وأما حمل الأمر فيها على مجرد اللفظ وإيجاد صيغة الأمر صورة من غير إرادة معنى منه نظير الكذب في الإخبارات من حيث عدم مطابقة نسبة الكلام للواقع فلا بعد فيه أصلا كما زعمه والعجب أنه لا يستبعد وقوع التكليف بالقبح ويستبعد حمل الأمر في أمثال المقام على الأمر الصوري مع أنه في مقام التقية لا غائلة فيه بوجه الثالث أن جملة من الأوامر الشرعية متعلقة بجملة من الأفعال مشروطة بقصد التقرب والامتثال حتى إنها لو تجردت عنها تجردت عن وصف الوجوب كالصّوم والصلاة والحج والزكاة فإن وقوعها موصوفة بالوجوب الشرعي بل ورجحانه مشروط بنية القربة حتى إنها لو وقعت بدونها لم تتصف به مع أن تلك الأفعال لا تخلو واقعا إما أن تكون واجبات عقلية مطلقا أو بشرط الأمر بها ووقوعها بالامتثال وعلى التقديرين يثبت المقصود أما على الأول فلحكم العقل بوجوبها عند عدم قصد الامتثال وحكم الشارع بعدم وجوبها وأما على الثاني فلانتفاء الحسن قبل التكليف وحصوله بعده فلم يتفرع حسن التكليف على حسن الفعل أقول ويمكن تحريره بوجه آخر يغايره في الجملة وهو أنه لا شك في اشتراط جملة من الأفعال بالإتيان على وجه الامتثال فمع قطع النظر عن هذا الاشتراط فإما أن يكون تلك الأفعال مشتملة على حسن يقتضي الأمر بها أو لا وعلى التقديرين لا يتم الملازمة أما على الأول فلأنها لا تجري عن التكليف الواقعي وأما على الثاني فلأنها مأمور بها مع أنه لا حسن فيها ولا تناقض في البين كما لا يخفى فإن قلت إن الأمر يتعلق بها من حيث اشتراط وجه القربة قلنا الكلام في الجهات التي يتفرع عليها التكليف ووجه القربة إنما يتفرع على التكليف فلا يحصل إلا بعد الأمر فأخذه في المأمور به يوجب الدور المحال والجواب عنه بكلا تحريريه أما أولا فبخروجه عما نحن فيه إذ الكلام فيما إذا أدركت عقولنا حسن الفعل أو قبحه فهل يكشف عن حكمه الشرعي أم لا على ما عنون به المبحث وذلك إنما يرد نقضا على الملازمة بين حكمي العقل والشرع ولا يرتبط بما نحن بصدده أصلا وأما ثانيا فنختار أنها واجبات عقلية مطلقا مع قطع النظر عن الاشتراط بقصد القربة ولا غائلة فيه أصلا وبيانه موقوف على مقدمة وهي أن الفعل الواقع عن المكلف له عناوين كثيرة ووجوه عديدة تصلح للحمل عليه ويصح انتزاعها منه فقد يكون الضرب الصادر من المكلف معنونا بعنوان حسن حسنا كما إذا كان على وجه التأديب وقد يكون ملحوظا بلحاظ آخر موجها بوجه غيره قبيحا كما إذا كان على وجه التعذيب مثلا فإذا علمنا العنوان الحسن المنتزع من الفعل بخصوصه تفصيلا فلا كلام وإن علمناه إجمالا كان علمنا أن للفعل الفلاني وجها يكون ملحوظا بذلك الوجه حسنا ولو كان علمنا أن للفعل الفلاني وجه يكون ذلك الفعل ملحوظا بذلك الوجه حسنا ولو كان علمنا بذلك بواسطة أمر الشارع وكشفه عن وجود عنوان الحسن إجمالا فلا ريب أن الإتيان بالفعل في الخارج تحصيلا لذلك العنوان المعلوم حسنه إجمالا يجزي عن الأمر به لو كان مأمورا به ويحصل الحسن المنتزع من الفعل كما لا يخفى وبالجملة فبعض الأفعال بوقوعها مشتركة بين وجوه كثيرة لا بد في تعيين واحد منها إلى قصد ذلك الوجه بالخصوص تفصيلا أو إجمالا وإليه ينظر العبارة المنقولة عن المتكلمين من أنه لا بد أن يقع الفعل في الخارج إما لوجوبه أو لوجه وجوبه فإن هذا أحد الوجوه في وجه الوجوب وإذ قد عرفت هذه فنقول نلتزم بأن الأفعال المخصوصة التي يعبر عنها بالصلاة مثلا حسنة لكن لا على أيّ وجه حصلت وعلى جميع العناوين المنتزعة عنها بل على وجه خاص علمنا به إجمالا من أمر الشارع وإن لم نعلم ذلك الوجه بخصوصه فهي معنونة بعنوان معلوم بالإجمال حسنة ولهذا قد أمر بها الشارع والإتيان بها على الوجه المأمور بها يجزي عن الواجب وإن لم يكن الامتثال ظاهرا وأمّا واقعا فمرجعه إلى حقيقة الامتثال كما لا يخفى فهي حسنة ومأمور بها فلا مخالفة بين الحكمين وأما ثالثا فنختار أنها واجبات عقلية بعد الاشتراط بنية القربة وقصد الامتثال ولا غائلة أيضا وبيانه أيضا يحتاج إلى تقديم مقدمة وهي أن الحكمة الداعية إلى وضع الألفاظ على ما تقرر في محله هو الكشف عن المقاصد في مقام الإفادة والاستفادة وذلك يحصل بوجهين أحدهما أن يكون المقصود بالإفادة والاستفادة ما هو المفهوم من اللفظ بحسب ما يستفاد منه لغة كما هو المتعارف عند العقلاء في أغلب إفاداتهم واستفاداتهم خبرا أو إنشاء وثانيهما أن يكون المقصود واقعا من إيراد اللفظ وإطلاقه هو ما يستفاد منه من الأمور اللازمة للمعنى والملزومة له ولو بملاحظة مدلوله ابتداء فكما أن اللفظ في القسم الأول طريق للوصول إلى المعنى فكذلك المعنى المستفاد من اللفظ في المقام طريق للوصول إليه وذلك في الأخبار ظاهر شائع كالمداليل الكنائية وأما في الإنشاء فقد يتحقق مثل ذلك أيضا كما إذا جعل الأمر بشيء عنوانا لمطلوبية شيء آخر فالمطلوب بحسب ما يعتقده المكلف هو ما تعلق الأمر به لفظا إلا أن المحبوب واقعا ربما يكون شيئا آخر ولو بعمومه فيختلف المقصود المسوق للكلام والمستفاد من الأمر بحسب ما تعلق به ظاهرا في مقام اللفظ كما إذا أمر المولى بضرب زيد مثلا أو إكرام عمرو فإنه ربما يقال باختلاف المقصود والمطلوب ظاهرا

236

نام کتاب : مطارح الأنظار نویسنده : الشيخ الأنصاري    جلد : 1  صفحه : 236
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست