وفي أخبارهم أيضا شهادة على ذلك [1] . إذا عرفت ذلك فاعلم أن المصنف قد فصل بين الدم النجس فحكم بحرمة المعاوضة عليه للاجماع والأخبار السابقة - أي الروايات العامة - وبين الدم الطاهر ، فقد قوي جواز المعاوضة عليه إذا فرضت له منفعة محللة كالصبغ ونحوه ، لكونه من الأعيان التي يجوز الانتفاع بها منفعة محللة . وفيه : أنه بعد اشتراكهما في حرمة الأكل وجواز الانتفاع بهما منفعة محللة كالصبغ والتسميد ونحوهما ، فلا وجه للتفكيك بينهما . وأما النجاسة فقد عرفت مرارا أنه لا موضوعية لها ، فلا تكون فارقة بين الدم الطاهر والنجس . وأما الأخبار السابقة فمضافا إلى ضعف سندها أنها شاملة لهما ، فلو تمت لدلت على حرمة بيعهما معا وإلا فلا ، على أن المستفاد من رواية تحف العقول هو تحريم مطلق منافع النجس ، وحينئذ فإن وقفنا على ظاهرها فلازمه الافتاء بما لم يفت به أحد ، وإن اقتصرنا على خصوص تحريم البيع فلا دليل عليه . وأما الاجماع فهو لا يختص بالمقام ، وإنما هو الذي ادعى قيامه على حرمة مطلق بيع النجس ، ومدركه هي الوجوه المذكورة لحرمة بيعه من الروايات العامة وغيرها ، وإلا فليس هنا اجماع تعبدي ليكشف عن رأي المعصوم . إذن فلا دليل على حرمة بيع الدم ، سواء كان نجسا أم طاهرا ، لا وضعا ولا تكليفا .
[1] عن عون بن أبي جحيفة قال : إن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) نهى عن ثمن الدم ( سنن البيهقي 6 : 6 ، صحيح البخاري باب موكل الربا 3 : 78 ) .