وأما دعوى الاجماع على التفريق بينهما ، فهي دعوى جزافية للاطمئنان بأن مدرك المجمعين تلك الوجوه المذكورة لمنع بيع العذرة دون الأرواث ، وإلا فالاجماع التعبدي الكاشف عن رأي الحجة معلوم العدم ، وقيام السيرة على جواز الانتفاع والمعاوضة لا يختص بالأرواث بل يعم العذرة أيضا كشمول العمومات لهما . وما في الجواهر [1] من الاستدلال على جواز بيع الأرواث فقط بخبر ابن مضارب وبذيل رواية سماعة بعد ما حملهما عليها فاسد ، لما عرفت من أنه لا يصح اطلاق العذرة على الأرواث بوجه ، وأن الأرواث في اللغة [2] لا تطلق إلا على رجيع ذي الحافر . وقد يتوهم تحريم بيعها لآية تحريم الخبائث ، بدعوى أن عموم التحريم المستفاد من الجمع المحلى باللام يشمل البيع أيضا . وفيه أولا : ما أجاب به المصنف ، من أن المراد من تحريم الخبائث هو تحريم أكلها لا مطلق الانتفاعات بها . وثانيا : أنه قد تقدم في بيع الأبوال أن الخبيث عبارة عن مطلق ما فيه نقص ودناءة ، ولو كان من قبيل الأفعال ويرادف في الفارسية بلفظ : پليد ، فمثل الزنا والافتراء والغيبة والنميمة وغيرها من الأفعال المحرمة التي عبر عنها في قوله تعالى بالفواحش من الخبائث أيضا [3] .
[1] جواهر الكلام 22 : 17 . [2] في تاج العروس ( 1 : 626 ) مادة راث : الروثة واحدة الروث والأرواث ، وقد راث الفرس وغيره ، وفي المثل أحشك وتروثنى ، قال ابن سيده : الروث رجيع ذي الحافر ، وفي التهذيب يقال لكل ذي حافر قد راث يروث روثا ، وفي المجمع ( 2 : 255 ) : راث الفرس يروث روثا من باب قال ، والخارج روث ، ومنه الحديث : نهى عن الروث ، يعني رجيع ذات الحافر . [3] قوله تعالى : قل إنما حرم ربي الفواحش ( الأعراف : 31 ) .