قوله : ولو دفعه إلى الحاكم فتصدق به بعد اليأس . أقول : ظاهر كلام المصنف أن دفع المال إلى الحاكم إن كان بعنوان كونه وكيل الغائب أو وليه فلا ضمان على الدافع ، لأن دفعه إلى الولي أو الوكيل كدفعه إلى نفس الأصيل ، وإن كان دفعه إليه بعنوان أنه كبقية الناس فلا تبرأ ذمته بذلك . وتحقيق الكلام هنا يكون في جهتين : الأولى : هل للحاكم ولاية على الغائب أم لا ؟ الثانية : إذا ثبت للحاكم ولاية على الغائب فهل يعتبر قصد هذا العنوان في دفع مال الغائب إليه أم لا ؟ أما الجهة الأولى فهي ممنوعة صغرى وكبرى : أما الصغرى فلأنه لم يحرز كون المالك غائبا بل يحتمل كونه حاضرا عند الواجد وإن لم يعرفه بعينه ، ويتفق كثيرا أن الملتقط يتفحص عن المالك وهو ينادي : يا صاحب المال ، ويسمعه المالك ، ولا يلتفت إلى كون اللقطة له . وأما الكبرى فلعدم الدليل اللفظي على ولاية الحاكم على الغائب لكي يتمسك باطلاقه ، وإنما هي ثابتة بالحسبة ، فلا بد من الاقتصار على المقدار المتيقن ، وهو أخذ مال الغائب لحفظه وايصاله إليه ، ولا يجوز اتلافه ولو بالتصدق عنه . وإن سلمنا ولاية الحاكم على الغائب مطلقا ، فإنما هي فيما لم يكن للغائب ولي خاص ، والظاهر من الروايات أن من وضع يده على اللقطة له الولاية على مالكها في التصدق بها . وأما الجهة الثانية ، فإذا سلمنا ثبوت ولاية الحاكم على الغائب فإنه لا دليل على دخل قصد الولاية في دفع اللقطة إلى الحاكم ، فإن اعتبار