ويؤيد ما ذكرناه قول السائل في هذه الرواية : ولم أعرف له ورثة ، فإن ظاهر هذه العبارة أنه تفحص عن الوارث ولم يجده ، فافهم . ومع الاغضاء عما ذكرناه وتسليم دلالتها على المقصود فالنسبة بينها وبين الروايات الدالة على التصدق بمجهول المالك هي العموم المطلق ، فلا بد من تقييدها بهذه الروايات . لا يقال : إن هذه الرواية تنافي رواية الهيثم صاحب الفندق [1] الدالة على عدم جواز التصرف في مال مات عند صاحبه . فإنه يقال : لا منافاة بينهما ، فإن الظاهر من هذه الرواية أن صاحب الفندق لم يفحص عن ورثة الميت ، وهذا بخلاف الرواية الأولى ، فإنك قد عرفت ظهورها في أن السائل تفحص عن الورثة ولم يصل إليهم ، فمورد كل من الخبرين غير مورد الآخر . والذي يسهل الخطب أن كلتا الروايتين مجهولة . 4 - أنه يجب حفظ مجهول المالك لمالكه والايصاء به عند الوفاة للروايات [2] الواردة في مستأجر فقد أجيره ولم يقدر على ايصال حقه إليه [3] . ويرد عليه أولا : أن هذه الروايات إنما وردت في معلوم المالك الذي لا يمكن الوصول إليه ، فلا صلة لها بمجهول المالك ، ودعوى أن الملاك بين الموردين واحد ، وهو تعذر ايصال المال إلى مالكه دعوى جزافية ، فإنه لا طريق لنا إلى كشف هذا الملاك كما عرفت .
[1] عن الهيثم أبي روح صاحب الخان قال : كتبت إلى عبد صالح ( عليه السلام ) : إني أتقبل الفنادق فنزل عندي رجل فيموت فجأة لا أعرفه ولا أعرف بلاده ولا ورثته ، فيبقى المال عندي كيف أصنع به ولمن ذلك المال ، فكتب ( عليه السلام ) : اتركه على حاله ( الكافي 7 : 154 ) ، مجهولة بهيثم . [2] قد تقدمت الإشارة إلى مصادرها في البحث عن وجوب الفحص عن المالك . [3] كما عليه الحلي في السرائر 2 : 204 .