وإذن فالآية ناظرة إلى تحريم كل ما فيه مفسدة ولو من الأعمال القبيحة ، فلا تعم شرب الأبوال الطاهرة ونحوها مما تتنفر عنها الطبايع . قوله : لا يوجب قياسه على الأدوية . أقول : هذا الكلام بظاهره مما لا يترقب صدوره من المصنف ، وذلك لأن التداوي بها لبعض الأوجاع يجعلها مصداقا لعنوان الأدوية ، فكما يجوز بيعها حتى إذا كانت نجسة فكذلك يجوز بيع الأبوال مطلقا لكونها مصداقا للأدوية ، وانطباق الكلي على أفراده غير مربوط بالقياس . وتوضيح ذلك : أن مالية الأشياء تدور على رغبات الناس بلحاظ حاجاتهم إليها على حسب الحالات والأزمنة والأمكنة ، ولا شبهة أن المرض من الحالات التي لأجلها يحتاج الانسان إلى الأدوية والعقاقير طاهرة كانت أم نجسة ، ولأجل ذلك يجلبها الناس من أقاصي البلاد ، فإذا كانت الأبوال عند العرف من الأدوية ويعد من الأموال في غير حال المرض كانت كسائر الأدوية التي يحتاج إليها الناس في حال المرض ولا مجال لتفريقها عنها . اللهم إلا أن يكون مراد المصنف سقوط مالية الأبوال لكثرتها . وفيه مضافا إلى كونه خلاف الظاهر من كلامه وإلى منع كثرتها في جميع البلاد ، أن الكثرة لا توجب سقوط ماليتها بعد امكان الانتفاع بها في بعض الأمكنة وإلا لزم سلب المالية عن أكثر المباحات ، نعم لا يبعد الالتزام بسقوط ماليتها إذا لم ينتفع بها في محلها ولم يمكن نقلها إلى محل ينتفع بها فيه . ومما ذكرنا علم أن التداوي بالأبوال من المنافع الظاهرة لها ، فلا وجه لعدها فيما لا نفع فيه ، كما لا وجه للنقض على ذلك بأنه لو كان التداوي