وقد تكون الغاية من العبادة هي الله ، ولكن بداعي التملق والخضوع لحفظ الجهات الدنيوية ، بأن يجعلها العبد وسيلة لازدياد النعمة والعزة وسببا لارتفاع الشأن والمنزلة ، وترسا لدفع النقمة والهلكة ، وقد أشير إلى هذا في الكتاب بقوله تعالى : لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد [1] . وقد تكون الغاية من العبادة هي الله بداعي الخشية من غضبه والخوف من ناره التي أعدت للعاصين ، وبداعي التعرض لرحمته الواسعة ، والوصول إلى الحور والقصور والجنة ، التي عرضها كعرض السماوات والأرض ، وهذه المرتبة أرقى من المرتبة الثانية ، وقد أشار إلى هذا بقوله تعالى : وادعوه خوفا وطمعا [2] ، وبقوله تعالى : ويدعوننا رغبا ورهبا [3] ، وقد ورد في كثير من الأدعية ، كدعاء أبي حمزة الثمالي وغيره ، تعليل الايمان بالله والعبادة له بالخوف والخشية والطمع ، وهذا واضح لا غبار عليه . وقد تكون الغاية من العبادة هي التقرب إلى الله وتحصيل رضاه ، من غير أن يقترن بها غرض آخر من الأغراض الدنيوية أو الأخروية ، وهذه المرتبة أرقى من المرتبة الثانية والثالثة ، وهي مختصة بالعارفين بالله والسالكين إليه ، ولا يناله إلا القليل من الموحدين ، كسلمان والمقداد وأبي ذر وفريق من الأكابر . وقد اتضح مما ذكرنا أن الغرض من العبادة في هذه الدرجات الثلاث الأخيرة هو انتفاع العبد حتى في الدرجة الأخيرة ، أعني المرتبة الرابعة ،