نعم إذا أجبر الظالم أحدا على قتل أحد شخصين محقوني الدم أو اضطر إليه نفسه ، كما إذا وقع من شاهق وكان لا بد له من الوقوع على رأس أحدهما ، فلا بد حينئذ من الرجوع إلى قواعد التزاحم . ويتضح ذلك بلحاظ ما حققناه في دوران الأمر بين انقاذ أحد الغريقين ، فإنه لم يستشكل أحد في وجوب المبادرة لانقاذ الأهم منهما وترك الآخر ، وهذا نظير الاكراه على ايقاع الضرر المالي على أحد الشخصين ، وقد تقدم الكلام فيه . لا يقال : قد نطق القرآن الكريم في آية محكمة [1] بالتكافؤ بين الدماء المحترمة ، ومعه فأي معنى لملاحظة الأهم والمهم في ذلك ، وقد ورد ذلك في الأخبار المستفيضة المذكورة في أبواب القصاص . فإنه يقال : نعم ولكن مورد التكافؤ الذي دلت عليه الآية والروايات إنما هو القصاص فقط ، فلا مساس له بما نحن فيه ، ومن هنا اتضح حكم ما لو أكره الجائر أحدا أما على قتل نفسه وأما على قتل غيره . وقد انجلى الصبح وانكشف الظلام وظهر الفارق بين التقية والاكراه موضوعا وحكما ، والله العالم بالحقائق والأسرار . إن المستحق للقتل قصاصا محقون الدم بالنسبة إلى غير ولي الدم : قوله : وأما المستحق للقتل قصاصا ، فهو محقون الدم بالنسبة إلى غير ولي الدم . أقول : مستحق القتل قد يكون مهدور الدم لكل أحد لكونه مسلوب الاحترام ، كالنواصب الذين يظهرون العداوة والبغضاء لآل محمد
[1] قوله تعالى : وكتبنا عليهم أن النفس بالنفس ، المائدة : 49 .