الاكراه ، ونهب أموال الناس وجلبه إلى الجائر حرام في نفسه ولا يجوز رفع اليد عن المباح بالاقدام على الحرام . وقد استدل المصنف ( رحمه الله ) على عدم وجوب تحمل الضرر بوجوه : 1 - إن دليل نفي الاكراه يعم جميع المحرمات حتى الاضرار بالغير ما لم يجر إلى إراقة الدم . 2 - إن تحمل الضرر حرج عظيم ، وهو مرفوع في الشريعة المقدسة . وجواب الوجهين يتضح مما قدمناه في الجهة الأولى . 3 - الأخبار [1] الدالة على أن التقية إنما جعلت لتحقن بها الدماء ، فإذا بلغت الدم فلا تقية ، فالظاهر هنا جواز التقية في غير الدماء بلغت ما بلغت . وفيه : أن الظاهر من هذه الأخبار أن التقية إنما شرعت لحفظ بعض الجهات المهمة كالنفوس وما أشبهها ، فإذا أدت إلى اتلاف ما شرعت لأجله فلا تقية ، لأن ما يلزم من وجوده عدمه فهو محال ، وليس مفاد الروايات المذكورة هو جواز التقية في غير تلف النفس لكي يترتب عليه جواز اضرار الغير لدفع الضرر عن نفسه . والغرض من تشريع التقية قد يكون حفظ النفس ، وقد يكون حفظ العرض ، وقد يكون حفظ المال ونحوه ، وحينئذ فلا يشرع بها هتك الأعراض ونهب الأموال ، لانتهاء آمادها بالوصول إلى هذه المراتب .
[1] عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر ( عليه السلام ) : قال : إنما جعلت التقية ليحقن بها الدم ، فإذا بلغ الدم فليس تقية ( الكافي 2 : 174 ، المحاسن : 259 ، عنهما الوسائل 16 : 234 ) ، صحيحة . وعن الثمالي قال : قال أبو عبد الله ( عليه السلام ) : إنما جعلت التقية ليحقن بها الدم ، فإذا بلغت التقية الدم فلا تقية ( التهذيب 6 : 172 ، عنه الوسائل 16 : 235 ) ، موثقة لابن فضال . عن الصدوق في الهداية مرسلا : والتقية في كل شئ حتى يبلغ الدم ، فإذا بلغ الدم فلا تقية ( الهداية : 9 ، عنه المستدرك 12 : 274 ) .