الدالة باطلاقها على الجواز ، فتكون مخصصة لها ، فيكون النوح بالباطل حراما والنوح بالحق جائزا على الكراهة المحتملة ، هذا ما يرجع إلى حكم النياحة . وقد يقال بأنها حينئذ معارضة بما دل على حرمة الكذب ، وحرمة الغناء ، وحرمة اسماع المرأة صوتها للأجانب ، وحرمة النوح في آلات اللهو ، والمعارضة بينها بنحو العموم من وجه . ولكنها دعوى جزافية ، فإن هذه الروايات تدل على جواز النوح بعنوانه الأولي مع قطع النظر عن انطباق العناوين المحرمة عليه ، فلا تكون معارضة لها بوجه . وأما كسب النائحة ، فما دل على جوازه مطلقا مقيد بمفهوم ما دل على جوازه إذا كان النياح بالحق ، ولكن هذه الرواية الظاهرة في تقييد ما دل على جواز كسب النائحة مطلقا ضعيفة السند ، نعم يكفي في التقييد ما تقدم مرارا من أن حرمة العمل بنفسه يكفي في حرمة الكسب مع قطع النظر عن الأدلة الخارجية . وقد يقال بتقييد المطلقات بقوله ( عليه السلام ) في رواية حنان بن سدير : لا تشارط وتقبل ما أعطيت ( 1 ) ، وعليه فالنتيجة أن كسب النائحة جائز إذا قالت حقا ولم تشارط . - 1 - الكافي 5 : 117 ، التهذيب 6 : 358 ، الإستبصار 3 : 60 ، قرب الإسناد : 58 ، عنهم الوسائل 17 : 126 ، موثقة بحنان بن سدير .