شوكتهم ، فيكون كمسجد الضرار الذي ذكره الله في الكتاب [1] ، وتبعد الرواية عما نحن بصدده . ومنها : رواية صفوان الظاهرة في ردعه عن اكراء الجمال من هارون الرشيد [2] . وفيه : أولا أنها ضعيفة السند . وثانيا : أن الرواية أدل على الجواز ، فإن الإمام ( عليه السلام ) إنما ردعه عن محبة بقائهم ، ويدل على هذا من الرواية قوله ( عليه السلام ) : أتحب بقاءهم حتى يخرج كراؤك ، قلت : نعم ، قال : من أحب بقاءهم فهو منهم ، ومن كان منهم كان وروده إلى النار . ومع الاغضاء عن جميع ذلك وتسليم دلالة الروايات المذكورة على الحرمة ، فالسيرة القطعية قائمة على جواز إعانة الظالمين بالأمور المباحة في غير جهة ظلمهم ، فتكون هذه السيرة قرينة لحمل الروايات على غير هذه الصورة . والحاصل أن المحرم من العمل للظلمة على قسمين : الأول : إعانتهم على الظلم ، والثاني : صيرورة الانسان من أعوانهم بحيث يعد في العرف من المنسوبين إليهم ، بأن يقال : هذا كاتب الظالم ، وهذا معماره ، وذاك خزانه ، وقد عرفت حرمة كلا القسمين بالأدلة المتقدمة ، وأما غير ذلك فلا دليل على حرمته . ثم إن المراد من الظالم المبحوث عن حكم إعانته ليس هو مطلق العاصي الظالم لنفسه ، بل المراد به هو الظالم للغير ، كما هو ظاهر جملة
[1] قوله تعالى : والذين اتخذوا مسجدا ضرارا ، التوبة : 108 . [2] رجال الكشي 2 : 740 ، الرقم : 828 ، عنه الوسائل 17 : 182 ، مجهولة بمحمد بن إسماعيل الرازي .