المزبورة وحكمنا لذلك بحرمة الحلف كاذبا في غير موارد الاكراه والاضطرار لكانت العناوين المأخوذة في تلك المطلقات ، أعني حفظ النفس والمال لنفسه أو لأخيه كلها لاغية ، وأما لو قدمنا المطلقات وحفظنا العناوين المذكورة فيها فإنه لا يلزم منه إلا إلغاء المفهوم فقط عن رواية سماعة وما في معناها ، ونتيجة ذلك أنه يجوز الحلف كاذبا لانجاء النفس المحترمة ولحفظ مال نفسه أو مال أخيه على وجه الاطلاق ، فيقيد بها ما دل على حرمة الكذب على وجه الاطلاق . لا يقال : إن حرمة الكذب ذاتية لاستقلال العقل بقبحه فليست قابلة للتخصيص ، وأما ارتكابه في موارد الضرورة فلأن العقل يستقل بوجوب ارتكاب أقل القبيحين . فإنه يقال : قد عرفت آنفا أن العقل لا يستقل بقبح الكذب في نفسه إلا إذا ترتبت عليه المفسدة ، فلا تكون حرمته ذاتية لا تقبل التخصيص ، فيكشف من تجويز الشارع الكذب في بعض الموارد أنه ليس بقبيح ، لا أنه من باب حكم العقل بارتكاب أقل القبيحين . وقد وجه المصنف كلام المشهور بوجهين : 1 - إن الكذب حرام ومع التمكن من التورية لا يحصل الاضطرار إليه فيدخل تحت العمومات . 2 - إن قبح الكذب عقلي فلا يسوغ إلا مع عروض عنوان حسن عليه يغلب على قبحه ، وهذا لا يتحقق إلا مع العجز عن التورية . ولكن قد ظهر لك مما قدمناه آنفا ضعف الوجهين المذكورين . وأما المطلقات الدالة على جواز الكذب للاصلاح فلا معارضة بينها وبين رواية سماعة وما في معناها ، ووجه ذلك أن تلك المطلقات إنما دلت على جواز الكذب للاصلاح ، ورواية سماعة وما في مضمونها إنما