سنذكره غير مقصود للقائل بوضع الجمل الخبرية للنسب الخارجية ، وما هو مقصوده لا يحصل من ذلك ، وعن النظام ومن تابعه : أن صدق الخبر مطابقته لاعتقاد المخبر وكذبه عدمها وإن كان الاعتقاد خطأ [1] . واستدل عليه بآية المنافقين [2] ، بدعوى أن الله سجل عليهم بأنهم لكاذبون في قولهم إنك لرسول الله ، لعدم اعتقادهم بالرسالة المحمدية ، وإن كان قولهم مطابقا للواقع ، وأجابوا عنه بأن المنافقين لكاذبون في شهادتهم للرسالة لعدم كونها عن خلوص الاعتقاد . وتوضيح ذلك يحتاج إلى مقدمتين : 1 - إن الشهادة في العرف واللغة بمعنى الحضور [3] ، سواء كان حضورا خارجيا ، كقوله تعالى : فمن شهد منكم الشهر فليصمه [4] ، وكقول المسافر : شاهدت البلد الفلانية وأقمت فيها ، أم حضورا ذهنيا كحضور الواقعة في ذهن الشاهد . 2 - إن المخبر به قد يكون أمرا خارجيا ، وقد يكون أمرا اعتباريا ، و قد يكون أمرا ذهنيا كالاخبار عن الصور النفسانية . فيتجلى من هاتين المقدمتين أن الاخبار عن الشهادة بالرسالة مبني على حضور المخبر به والمشهود به في صقع الذهن ، لأن الشهادة ليست من الأعيان الخارجية ، وحيث إن المنافقين غير معتقدين بالرسالة ولم يكن المخبر به وهو الاعتقاد بالنبوة موجودا في أذهانهم فرماهم الله إلى الكذب والفرية ، فلا دلالة في الآية على مقصود النظام .
[1] المطول : 41 . [2] المنافقون : 1 . [3] في المنجد : شهد المجلس : حضره ( المنجد : 406 ) . [4] البقرة : 181 .