أقول : القيافة في اللغة [1] معرفة الآثار وشبه الرجل بأخيه وأبيه ، والظاهر أنه لا شبهة في جواز تحصيل العلم أو الظن بأنساب الأشخاص بعلم القيافة وبقول القافة ، ولم يرد في الشريعة المقدسة ما يدل على حرمة ذلك . وما ورد في حرمة اتيان العراف والقائف لا مساس له بهذه الصورة ، وإنما المراد منه حرمة العمل بقول القافة وترتيب الأثر عليه كما سيأتي ، ومع الشك في الحرمة والجواز في هذه الصورة يرجع إلى الأصول العملية . ثم إنه لا شبهة في حرمة الرجوع إلى القائف وترتيب الآثار على قوله ، وفي الكفاية لا أعرف فيها الخلاف [2] ، وفي المنتهى الاجماع على ذلك [3] ، خلافا لأكثر العامة [4] ، فإنهم جوزوا العمل بقول القافة استنادا إلى جملة
[1] في تاج العروس : والقائف من يعرف الآثار ، ج قافة ( تاج العروس 6 : 228 ) ، وقال ابن الأثير : القائف الذي يتبع الآثار ويعرفها ويعرف شبه الرجل بأخيه وأبيه ، ومنه أن مجززا كان قائفا ( النهاية 4 : 121 ) . [2] كفاية الأحكام : 87 . [3] المنتهى 2 : 1014 ، وفيه نفي الخلاف ، وحكى الاجماع عنه المحقق الأردبيلي في مجمع الفائدة 8 : 80 . [4] في شرح صحيح مسلم : أثبت العمل بالقافة الشافعي ، ونفاه أبو حنيفة ، والمشهور عن مالك في الإماء دون الحرائر ، وروى عنه ابن وهب اثباته في الحرائر ، ولا خلاف عند القائلين بالقافة أنها إنما تكون فيما أشكل من الفراشين ثابتين كأمة يطؤها البائع والمشتري في طهر واحد قبل الاستبراء من وطئ البائع ، فتأتي بولد أكثر من ستة أشهر من وطئ المشتري وأقل من أقصى الحمل من وطئ البائع ، وإن ألحقه القائف بأحدهما لحق وإلا ترك الولد حتى يبلغ فينتسب إلى من يميل إليه منهما ، وإن ألحقه القائف بهما ، فإن مذهب عمر بن الخطاب ومالك والشافعي يترك حتى يبلغ فينتسب إلى من يميل إليه ، وقال أبو ثور : يكون ابنا لهما ، وقال الماجشون ومحمد بن مسلمة المالكيان : يلحق بأكثرهما شبها ( شرح صحيح مسلم 4 : 80 ) . وفي هامش سنن البيهقي عن الثوري قال : إذا قال القافة الولد منهما ، لحق بهما وورثهما وورثاه ( هامش سنن البيهقي 10 : 264 ) .