لتمشي فيمن يعلم عدم استحقاق المقول عنه بالنسبة إلى السامع ، لاحتمال اطلاع القائل على ما يوجب تسويغ مقاله ، وهو هدم قاعدة النهي عن الغيبة . ورده المصنف بأن في ذلك خلطا بين رد الغيبة والنهي عنها ، والذي نفاه القائل بعدم وجوب النهي هو الثاني الذي هو من صغريات النهي عن المنكر دون الأول . وتحقيق مراد المصنف أن النسبة بين وجوب رد الغيبة ووجوب النهي عنها عموم من وجه ، فإنه قد يجب النهي عن الغيبة لوجوب النهي عن المنكر حيث لا يجب ردها ولو من جهة كون المقول فيه جائز الغيبة عند السامع مع كونه مستورا عند القائل ، ومع ذلك يجب نهي القائل عنها من باب وجوب النهي عن المنكر . وقد يجب رد الغيبة حيث لا مورد للنهي عن المنكر ، كما إذا كان المغتاب - بالكسر - صبيا فإن فعله ليس بمنكر لكي يجب النهي عنه ، إلا أنه يجب على السامع حينئذ رد الغيبة حفظا لاحترام أخيه المؤمن ، وقد يجتمعان كما إذا علم السامع بكون الاغتياب حراما ، فإنه من حيث كونه من المنكرات في الشريعة يجب النهي عنه ، ومن حيث كونه هتكا للمؤمن وكشفا لعورته يجب رده . وإذا شك في استحقاق المقول فيه الغيبة وعدم استحقاقه حرم سماعها على القول بحرمته ووجب ردها على النحو الذي تقدم من توجيه فعل المقول فيه على نحو يخرجه عن المعصية ، ومع هذا لا يجب نهي القائل بل لا يجوز ، لامكان استحقاق المقول فيه ، فيحمل فعل القائل على الصحة ما لم يعلم فساده ، فإن ردعه يستلزم انتهاك حرمته وهو حرام ، على أن اثبات وجوب الردع بأدلة النهي عن المنكر تمسك بالعام في الشبهات المصداقية وهو لا يجوز .