المغتابين ، فمع تسليم صحته يدل على أن السامع لغيبة كالمتكلم بتلك الغيبة في الحرمة والحلية ، فيكون دليلا على الجواز هنا . إلا أن يقال : إن الحديث ينزل السامع للغيبة منزلة المتكلم بها ، فإذا جاز للسامع التكلم بالغيبة جاز له سماعها وإلا فلا ، ولكنه خلاف الظاهر من الحديث . والتحقيق أن جواز الغيبة قد يكون حكما واقعيا وقد يكون حكما ظاهريا ، أما الجواز الواقعي فلا ملازمة فيه بين جواز الغيبة وجواز الاستماع إليها ، لأنه يتصور على أنحاء ثلاثة : 1 - أن يكون المقول فيه جائز الغيبة عند الناس من غير اختصاص بشخص دون شخص ، بأن كان متجاهرا في الفسق ومتظاهرا في مخالفة المولى ، فإن مثل هذا تجوز غيبته واقعا لكل أحد ، أما مطلقا أو في خصوص ما تجاهر فيه من الذنوب على الخلاف المتقدم ، بل قد عرفت خروجه عن موضوع الغيبة رأسا ، وعليه فالاستماع إليها أولى بالجواز ، وكذلك الكلام في غيبة المبدع في الدين والإمام الجائر . 2 - أن يكون جواز الغيبة الواقعي مختصا بالمغتاب - بالكسر - كالصبي المميز والمكره على اغتياب الناس ، وعليه فلا يجوز استماعها مطلقا لمن يحرم عليه الاغتياب لعدم الملازمة بينهما ، فإن ارتفاع الحكم عن أحدهما لا يستلزم ارتفاعه عن الآخر . وعلى الجملة جواز السماع يدور مدار الرد عن المغتاب - بالفتح - ومع عدمه كان حراما وإن لم يكن المغتاب - بالكسر - مكلفا ، فتحصل أن الاغتياب جائز والاستماع حرام ، كما أنه قد يكون السماع جائزا والاستماع حراما ، نظير ما إذا كان المغتاب - بالكسر - ممن لا يمكن رده ولا الفرار عنه كالسلطان الجائر ونحوه ، ولذا سكت الإمام المجتبى ( عليه السلام ) عند سب أبيه .