فيقع التعارض بينهما في مورد الاجتماع ، ويؤخذ بالطائفة الأولى لكونها صحيحة السند دون الطائفة الثانية ، بناء على أن صحة السند من المرجحات كما هو المشهور بين المتأخرين . ولكن يرد عليه : أن مجرد صحة السند لا يكون من المرجحات في معارضة الدليلين ، وقد حققناه في علم الأصول ، وعليه فتسقطان للمعارضة ويرجع إلى عمومات ما دل على رجحان إعانة المؤمن ، وإلا فيرجع إلى البراءة ، على أنك قد عرفت أن الطائفة الثانية ضعيفة السند ، فلا تعارض الطائفة الأولى فضلا عن وصول النوبة إلى الترجيح . وعلى ما ذكرناه من عدم الدليل الصحيح على حرمة استماع الغيبة فإنما يلتزم بالجواز إذا لم يرض السامع بالغيبة ، أو لم يكن سكوته امضاء لها ، أو تشجيعا للمتكلم عليها ، أو تسبيبا للاغتياب من آخر ، وإلا كان حراما من هذه الجهات ، وقد ورد في أحاديث عديدة أن الراضي بفعل قوم كالداخل معهم [1] . وتقدم في البحث عن بيع المتنجس حرمة التسبيب لوقوع الجاهل في الحرام الواقعي ، بل تحرم مجالسته للأخبار المتظافرة الدالة على حرمة المجالسة مع أهل المعاصي - وسنشير إلى مصادرها - كما تحرم مجالسة من يكفر بآيات الله للآية [2] .
[1] راجع الوافي باب حد الأمر بالمعروف ، والوسائل 16 : باب 5 وجوب انكار المنكر بالقلب من الأمر بالمعروف : 137 - 143 ، والمستدرك 12 : 195 - 197 . وفي شرح النهج لمحمد عبده 3 : 191 قال علي ( عليه السلام ) : الراضي بفعل قوم كالداخل فيه معهم وعلى كل داخل أثمان : إثم العمل به وإثم الرضا به . [2] قوله تعالى : وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم - الآية ، النساء : 140 .