وثانيا : يمكن أن يراد من الإمام الجائر من يتقمص بقميص الخلافة على غير استحقاق ، وينتصب منصب الإمامة بغير رضى من الله ورسوله ، ويمكن أن يراد به مطلق القاعد الذي يجور على الناس بظلمهم ، سواء ادعى الخلافة مع ذلك أم لا ، ويعبر عنه في لغة الفرس بلفظ : زمامدار ، وعليه فيدخل فيه من يقضي بين الناس أو يفتيهم على غير هدى من الله ورسوله . وعلى كل حال فلا دلالة في توصيف الإمام بالجور على عليته لجواز الغيبة ، فإن عطف الفاسق عليه من قبيل عطف العام على الخاص ، على أن الرواية المذكورة مروية عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) بسند آخر ، وهي تشتمل على توصيف الإمام بالكذاب [1] ، على أن هذا الوجه لو دل على الجواز لم يختص بخصوص المظلوم ، فإن الإمام الجائر يجوز اغتيابه لكل أحد ، فعموم العلة أعني الجور يقتضي عموم الحكم . 5 - قوله ( صلى الله عليه وآله ) : ولصاحب الحق مقال [2] . وفيه أولا : أنه ضعيف السند وغير منجبر بشئ . وثانيا : أنه لا دليل إلا على ثبوت المقال لصاحب الحق من حيث
[1] النوادر للراوندي : 18 ، عنه البحار 75 : 261 ، المستدرك 9 : 129 ، مجهولة لموسى بن إسماعيل . [2] عن أبي هريرة : أن أعرابيا تقاضى النبي ( صلى الله عليه وآله ) دينا كان له عليه فأغلظ له ، فهم به أصحاب النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، فقال النبي ( صلى الله عليه وآله ) : دعوه ، فإن لصاحب الحق مقالا ، ثم قال : اقضوه ، فقالوا : لا نجد إلا سنا أفضل من سنه ، قال : اشتروه وأعطوه ، فإن خيركم أحسنكم قضاء ( سنن البيهقي ، باب ما جاء في التقاضي 6 : 52 ، وصحيح البخاري باب الوكالة في قضاء الدين 2 : 37 ) . وفي احياء العلوم 3 : 132 ذكر هذه الجملة : إن لصاحب الحق مقالا ، في مسوغات الغيبة ولم يذكر المصدر .