لم يتجاهر إلا في بعضها كما عن الحدائق [1] ، أو لا تجوز إلا فيما تجاهر فيه كما عن الشهيد الثاني ( رحمه الله ) ؟ [2] وفصل المصنف بين المعاصي التي هي دون ما تجاهر فيه في القبح وبين غيرها ، فيجوز اغتيابه في الأول ولا يجوز اغتيابه في الثاني ، ومثاله من تجاهر باللواط جاز اغتيابه بالتعرض للأجنبيات ، ومن تجاهر بقطع الطرق جاز اغتيابه بالسرقة ، ومن تجاهر بكونه جلاد سلطان الجور يقتل الناس ويمثل بهم وينكل جاز اغتيابه بشرب الخمر والزناء واللواط ، ومن تجاهر بنفس المعصية جاز اغتيابه في مقدماتها ، ومن تجاهر بالمعاصي الكبيرة جاز اغتيابه بالتعرض لجميع القبائح ، ولعل هذا هو المراد من قوله ( صلى الله عليه وآله ) : من ألقى جلباب الحياء فلا غيبة له ، لا من تجاهر بمعصية خاصة وعد مستورا في غيرها كبعض عمال الظلمة - انتهى ملخص كلامه . أقول : أما القول بالتفصيل المذكور فلا دليل عليه بوجه ، فإن بعض الناس قد يتجاهر بالذنوب الكبيرة ، كقتل النفوس المحترمة وشرب الخمور وأكل أموال الناس ، ومع ذلك يتستر فيما هو دونها ، كايذاء الجار والنظر إلى الأجنبيات وترك العبادات الواجبة . نعم إذا تجاهر في معصية جاز اغتيابه بها وبلوازمها ، فإذا تجاهر بشرب الخمر جاز اغتيابه بتهيئة مقدمات الشرب من الشراء والحمل أو الصنع ، فإن الالتزام بالشئ التزام بلوازمه ، ومن ألقى جلباب الحياء في
[1] الحدائق 18 : 166 . [2] كشف الريبة : 79 ، صرح به قبل الشهيد المحقق الثاني في رسالته في العدالة ( مجموعة رسائله ) : 42 .