الكبيرة ليست لها حقيقة شرعية لنبحث فيها ، بل المراد بها هو معناها اللغوي ، وهو الذنب العظيم عند الشارع ، ويعرف عظمه تارة بالنص على كونه من الكبائر كالشرك والزناء وقتل النفس المحترمة وغيرها من الكبائر المنصوصة ، وأخرى بالتوعد عليه في الكتاب أو السنة المعتبرة ، وثالثة بترتيب آثار الكبيرة عليه ، ورابعة بالقياس إلى ما ثبت كونه من الكبائر الموبقة ، كقوله تعالى : والفتنة أشد من القتل [1] ، وقد ثبت في السنة المعتبرة التوعيد على الغيبة فتكون من الكبائر . وتدل على ذلك أيضا الروايات الدالة على أن الخيانة من الكبائر ، وبديهي أن الغيبة من أعظم الخيانات ، ويدل على كون الغيبة من الخيانة قول النبي ( صلى الله عليه وآله ) في وصيته لأبي ذر : يا أبا ذر المجالس بالأمانة وافشاء سر أخيك خيانة فاجتنب ذلك ، واجتنب مجلس العشرة [2] ، ولكنها ضعيفة السند . وقد يستدل أيضا على كون الغيبة كبيرة بالروايات الدالة على أن الغيبة أشد من الزناء ، وهو من الكبائر ، فالغيبة أولى منه بأن تكون كبيرة [3] .
[1] البقرة : 187 . [2] ضعيفة لأبي المفضل ورجاء بن يحيى ومحمد بن الحسن بن ميمون وغيرهم ، راجع مكارم الأخلاق 2 : 363 ، الرقم : 2661 . [3] عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في وصيته لأبي ذر قال : يا أبا ذر إياك والغيبة ، فإن الغيبة أشد من الزناء ، قلت : يا رسول الله ولم ذاك بأبي أنت وأمي ؟ قال : لأن الرجل يزني فيتوب إلى الله فيتوب الله عليه والغيبة لا تغفر حتى يغفرها صاحبها ( الأمالي للشيخ الطوسي 2 : 150 ، عنه الوسائل 12 : 281 ، الاختصاص : 226 ، عنه المستدرك 9 : 114 ، مكارم الأخلاق 2 : 363 ، الرقم : 2661 ) ، ضعيفة لأبي المفضل ورجاء وابن ميمون . وهذه الرواية وإن نقلها غير واحد من حملة الحديث مسندا ومرسلا ، ولكن الظاهر أنها رواية واحدة مأخوذة من وصية النبي ( صلى الله عليه وآله ) لأبي ذر ( رحمه الله ) ، وذكر الرواية الغزالي في الاحياء 3 : 124 .