صوت مزماري ولحن رقصي كألحان أهل الفسوق ، ويعبر عنها في الفارسية بكلمة : پسته وسرود ودوبيت وآواز خواندن ، لا أنه صوت يكون في المزمار ، وإلا لقال : ما لم يكن في المزمار ، أو بالنفخ في المزمار . وعليه فتدل الرواية على تحقق الغناء بالصوت المزماري واللحن الرقصي لا مطلقا ، وسيأتي ، وعلى هذا يحمل قوله ( عليه السلام ) : ما لم يعص به ، وفي رواية قرب الإسناد على تقدير صدورها من المعصوم . وأما اطلاق الغناء على غير هذا القسم في هاتين الروايتين في قول السائل : سألته عن الغناء ، وتقرير الإمام ( عليه السلام ) صحة الاطلاق بالجواب عن حكمه بقوله : لا بأس به ، فهو كاطلاق نوع أهل اللغة لفظ الغناء على المعنى الأعم . تحقيق موضوع الغناء : قوله : وإن اختلف فيه عبارات الفقهاء واللغويين . أقول : عرفوا الغناء بتعاريف مختلفة [1] ، إلا أنها ليست تعاريف حقيقية
[1] في لسان العرب مادة غنا : كل من رفع صوته وولاه فصوته عند العرب غناء ، وقال بعد ثلاث صفحات : الغناء من الصوت ما طرب به ( لسان العرب 15 : 136 - 139 ) . وفي مجمع البحرين : الغناء ككساء الصوت المشتمل على الترجيع المطرب ، أو ما يسمي في العرف غناء وإن لم يطرب ، سواء كان في شعر أو قرآن أو غيرهما ( مجمع البحرين 1 : 322 ) . وفي المنجد : الغناء من الصوت ما طرب به ( المنجد : 560 ) ، وعن الصحاح الغناء من السماع ( الصحاح 6 : 2449 ) ، وعن المصباح أنه مد الصوت المشتمل على الترجيع المطرب ، وعن الشافعي أنه تحسين الصوت وترقيقه ( المصباح : 455 ) . وفي فقه المذاهب أنه ترديد الصوت بالألحان ، عن الحنابلة أنه تحسين الصوت والترنم ( فقه المذاهب الأربعة 2 : 42 - 44 ) . وفي المستند أشار إلى جميع ما قيل في معنى الغناء ، وقال : إن كلمات العلماء من اللغويين والأدباء والفقهاء مختلفة في تفسير الغناء ، فسره بعضهم بالصوت المطرب ، وآخر بالصوت المشتمل على الترجيع ، وبالصوت المشتمل على الترجيع والاطراب معا ، وبالترجيع ، وبالتطريب ، وبالترجيع مع التطريب ، وبرفع الصوت مع الترجيع ، وبمد الصوت ، وبمده مع أحد الوصفين أو كليهما ، وبتحسين الصوت ، وبمد الصوت ومولاته ، وهو الغزالي بالصوت الموزون المفهم المحرك للقلب ( المستند 2 : 340 ) .