سحرهم أنها تسعى [1] . لا يقال : قد تكون للسحر حقيقة واقعية ، كالتصرف في عقل المسحور أو بدنه أو ما يرجع إليه ، وعليه فلا يتم تعريفه المذكور . فإنه يقال : ليست للسحر حقيقة واقعية ، ولكن قد يترتب عليه أمر واقعي ، فقد يظهر الساحر للمسحور شيئا مهولا فيخاف هذا ويصبح مجنونا ، أو يريه بحرا وفيه سفينة جارية فيحاول المسحور أن يركبها فيقع من شاهق ويموت ، فإن الجنون والموت وإن كانا من الأمور الواقعية إلا أنهما ترتبا على الأمر التخيلي الذي هو السحر . ويقرب ما ذكرناه ما عن صاحب العين ، من أنه يقلب الشئ من جنسه في الظاهر ولا يقلبه عن جنسه في الحقيقة [2] . وقد أشير إلى ما ذكرناه في خبر الإحتجاج ، حيث سئل الإمام ( عليه السلام ) عن الساحر أيقلب الواقع إلى واقع آخر ، فقال ( عليه السلام ) : هو أضعف من ذلك [3] . وعلى ما ذكرناه من المعنى قد استعملت كلمة السحر في مواضع شتى
[1] طه : 69 . [2] وعن الطبرسي عن صاحب العين : السحر عمل يقرب إلى الشياطين ، ومن السحر الآخذة التي تأخذ العين حتى تظن أن الأمر كما ترى وليس الأمر كما ترى ، فالسحر عمل خفي لخفاء سببه ، يصور الشئ بخلاف صورته ويقلبه عن جنسه في الظاهر ، ولا يقلبه عن جنسه في الحقيقة ، ألا ترى إلى قول الله تعالى : يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى . [3] في الإحتجاج في احتجاج الصادق ( عليه السلام ) على الزنديق قال : أفيقدر الساحر أن يجعل الانسان بسحره في صورة الكلب أو الحمار أو غير ذلك ، قال ( عليه السلام ) : هو أعجز من ذلك وأضعف من أن يغير خلق الله ، إن من أبطل ما ركبه الله وصوره وغيره فهو شريك الله في خلقه ، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا ، لو قدر الساحر على ما وصفت لدفع عن نفسه الهرم والآفة - الحديث ( الإحتجاج : 340 ) ، مرسل .