وفيه أولا : أنه ضعيف السند . وثانيا : أنه أجنبي عما نحن فيه ، لوروده في هدايا العمال وهم غير القضاة ، ووجه كونها محرمة قد علم من الوجوه المتقدمة . وثالثا : أنه يمكن أن يراد من إضافة الهدايا إلى العمال إضافة المصدر إلى الفاعل دون المفعول ، بمعنى أن الهدايا التي تصل إلى الرعية من عمال سلاطين الجور غلول ، فتكون الرواية راجعة إلى جوائز السلطان وعماله وسنتكلم عليها . وهذا الوجه الأخير وإن كان في نفسه جيدا إلا أنه إنما يتم فيما إذا علم كون الهدية من الأموال المحرمة وإلا فلا وجه لكونها غلولا ، على أنه بعيد عن ظاهر الرواية . 3 - ما استدل به في المستند [1] على حرمة أخذ القاضي للهدية ، من أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) زجر عمال الصدقة عن أخذهم الهدايا [2] . وفيه أولا : أن الرواية ضعيفة السند لكونها منقولة من طرق العامة . وثانيا : أنها وردت في عمال الصدقة فلا ترتبط بما نحن فيه ، ولعل حرمتها عليهم من جهة الوجوه التي ذكرناها في حرمتها على الولاة .
[1] المستند 2 : 526 . [2] عن أبي حميد الأنصاري ثم الساعدي أنه أخبره أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) استعمل عاملا على الصدقة ، فجاء به العامل حين فرغ من عمله فقال : يا رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) هذا الذي لكم وهذا الذي أهدي إلي - إلى أن قام ( صلى الله عليه وآله ) فصعد المنبر ثم قال : - أما بعد فما بال العامل نستعمله فيأتينا فيقول هذا : من عملكم وهذا الذي أهدي لي ، فهلا قعد في بيت أبيه وأمه فنظر هل يهدى له أم لا ، والذي نفسي بيده لا يقبل أحد منكم منها شيئا إلا جاء به يوم القيامة يحمله على عنقه ( المبسوط 8 : 151 ، سنن البيهقي لأبي بكر الشافعي 10 : 138 ) ، نبوي ضعيف .