ومقتضى القاعدة جواز أخذها للقاضي في جميع الصور ، وإن حرم الدفع على المعطي إذا كان غرضه الحكم له . وقد استدل على حرمة الأخذ بوجوه : 1 - قوله ( عليه السلام ) في رواية الأصبغ : وإن أخذ هدية كان غلولا [1] . وفيه أولا : أن الرواية ضعيفة السند . وثانيا : أنها واردة في هدايا الولاة دون القضاة ، فتكون أجنبية عن المقام ، وبما أن الهدية إلى الولاة جائزة فلا بد من حمل الرواية على غير ذلك من الوجوه الممكنة : الأول : أن تحمل على الكراهة ، لأن اهداء الهدية إلى الوالي قد يحبب إليه أخذ الرشوة المحرمة . الثاني : أن تحمل على ظاهرها ولكن يقيد الاعطاء بكونه لدفع الظلم أو انقاذ الحق أو لأجل أن يظلم غيره ، فإنها في هذه الصور كلها محرمة على الوالي ، وفي الصورة الأخيرة محرمة على المعطي أيضا . الثالث : أن تحمل على كون ولايتهم من قبل السلطان مشروطة بعدم أخذ شئ من الرعية لأنهم يرتزقون منه ، وعلى الجملة لا يمكن الاستدلال بها على المطلوب . 2 - ما ورد من أن هدايا العمال أو الأمراء غلول أو سحت [2] .
[1] عن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : أيما وال احتجب عن حوائج الناس احتجب الله عنه يوم القيامة وعن حوائجه ، وإن أخذ هدية كان غلولا ، وإن أخذ الأجرة فهو مشرك ( عقاب الأعمال : 310 ، عنه الوسائل 17 : 94 ) ، ضعيفة لأبي الجارود وسعد الإسكاف . [2] في سنن البيهقي عن أبي حميد الساعدي قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : هدايا الأمراء غلول ( سنن البيهقي 10 : 138 ) . وفي آداب القاضي من المبسوط للطوسي عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) أنه قال : هدية العمال غلول ، وفي بعضها : هدية العمال سحت ( المبسوط 8 : 151 ) ، مرسلة .