الانسان نفسه كيالا أو وزانا ، فيقلل نصيب المكيل له في ايفائه واستيفائه على وجه الخيانة ، والبخس [1] نقص الشئ عن الحد الذي يوجبه الحق على سبيل الظلم . وكيف كان فلا اشكال في حرمتها عند المسلمين قاطبة ، وتدل على ذلك الأدلة الأربعة : أما الكتاب ، فقوله تعالى : ويل للمطففين [2] ، وقوله تعالى : ولا تبخسوا الناس أشياءهم [3] ، وقوله تعالى : ولا تنقصوا المكيال والميزان [4] . وأما السنة ، فقد ورد النهي عن البخس والتطفيف في جملة من الروايات [5] .
[1] في مفردات الراغب : البخس نقص الشئ على سبيل الظلم ( المفردات : 38 ) ، وفي المنجد بخسه بخسا نقصه وظلمه ( المنجد : 27 ) . [2] المطففين : 2 . في تفسير التبيان ( 2 : 760 ) وسنن البيهقي ( 6 : 32 ) عن ابن عباس : لما قدم النبي ( صلى الله عليه وآله ) المدينة كانوا من أخبث الناس كيلا ، فأنزل الله : ويل للمطففين ، فأحسنوا الكيل بعد ذلك . [3] راجع الأعراف : 83 ، وهود : 86 ، والشعراء : 180 . [4] هود : 85 . [5] عن الأصبغ بن نباتة قال : سمعت أمير المؤمنين ( عليه السلام ) يقول على المنبر : يا معشر التجار الفقه ثم المتجر ثلاثا - إلى أن قال : - التاجر فأجر والفاجر في النار ، إلا من أخذ الحق وأعطى الحق ( الكافي 5 : 150 ، الفقيه 3 : 121 ، التهذيب 7 : 6 ، عنهم الوسائل 17 : 381 ) ، ضعيفة لأبي جارود وعثمان بن عيسى . وغير ذلك من الروايات المذكورة في المصادر المزبورة . عن عيون الأخبار عن الرضا ( عليه السلام ) ، فإنه ( عليه السلام ) جعل البخس في المكيال والميزان من الكبائر ( عيون الأخبار 1 : 285 ، علل الشرايع : 391 ، عنهما الوسائل 15 : 321 ) . أقول : قال في خاتمة الوسائل : ومن ذلك طريقه إلى الفضل بن شاذان عن الرضا ( عليه السلام ) في كتابه إلى المأمون ، وقد رواه في عيون الأخبار بالسند الأول والثاني جميعا ، ورواه أيضا عن حمزة بن محمد العلوي . أقول : أما الطريق الأول فهو مجهول لعبد الواحد بن محمد بن عبدوس النيسابوري وعلي ابن قتيبة النيسابوري ، وأما الثاني فهو مجهول للحاكم أبي محمد جعفر بن نعيم ، وأما الثالث فهو مجهول لحمزة بن محمد العلوي . عن أبي القاسم الكوفي في كتاب الأخلاق عن أبي جعفر محمد بن علي ( عليهما السلام ) قال : إذا ظهر الزناء في أمتي كثر موت الفجأة فيهم ، وإذا طففت المكيال أخذهم بالسنين والنقص ( كتاب الأخلاق ، مخطوط ، عنه المستدرك 12 : 334 ) ، مرسلة . عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : وجدنا في كتاب رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : إذا ظهر الزناء من بعدي كثر موت الفجأة ، وإذا طفف الميزان والمكيال أخذهم الله بالسنين والنقص ( الكافي 2 : 277 ، الأمالي للصدوق : 253 ، عقاب الأعمال : 300 ، المحاسن : 116 ، عنهم الوسائل 16 : 273 ) ، حسنة لإبراهيم بن هاشم . وفي رواية حمران عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) في حديث طويل عد جملة من الأوصاف المحرمة ، إلى أن قال : ورأيت الرجل معيشته من بخس المكيال والميزان ( الكافي 8 : 36 ، عنه الوسائل 16 : 275 ) ، حسنة لإبراهيم بن هاشم وحمران .