أما الوجه في منع الصغرى ، فلأنه لا دليل على كون التشبيب من اللهو والباطل ، إذ قد يشتمل الكلام الذي يشبب به على المطالب الراقية والمدائح العالية المطلوبة للعقلاء ، خصوصا إذا كان شعرا كما هو مورد البحث . وأما الوجه في منع الكبرى ، فلعدم العمل بها مطلقا ، لأن اللهو والباطل لو كان على اطلاقهما من المحرمات لزم القول بحرمة كل ما في العالم ، فإن كل ما أشغل عن ذكر الله وذكر الرسول ، وذكر القيامة ، وذكر النار والجنة ، والحور والقصور لهو وباطل ، وقد نطق بذلك القرآن الكريم أيضا في آيات عديدة [1] ، وسيأتي من المصنف الاعتراف بعدم حرمة اللهو إلا على نحو الموجبة الجزئية . 2 - إنه ورد النهي في الكتاب العزيز عن الفحشاء والمنكر [2] ، ومنهما التشبيب فيكون حراما . وفيه : أنا نمنع كون التشبيب من الفحشاء والمنكر ، على أن هذا الوجه مع الوجه السابق وسائر الوجوه الآتية لو دلت على الحرمة لدلت عليها مطلقا ، سواء أ كان بالشعر أم بغيره ، وسواء أكان التشبيب بأنثى أم بذكر ، وسواء أكانت الأنثى مؤمنة أم غير مؤمنة ، فلا وجه لتخصيص الحرمة بالشعر .
[1] كقوله تعالى في سورة الأنعام : 32 : وما الحياة الدنيا إلا لعب ولهو ، وقوله تعالى في سورة العنكبوت : 64 : وما هذه الحياة الدنيا إلا لهو ولعب ، وقوله تعالى في سورة محمد ( صلى الله عليه وآله ) : 38 : إنما الحياة الدنيا لعب ولهو ، وقوله تعالى في سورة الحديد : 19 : اعلموا إنما الحياة الدنيا لعب ولهو ) . [2] في سورة النحل : 92 ، قوله تعالى : وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي ، وغيرها من الآيات .