1 - أن الظاهر من الرجس هي الأشياء التي يحكم عليها بالنجاسة بعناوينها الأولية ، فيختص بالأعيان النجسة ولا يشمل الأعيان المتنجسة ، لأن النجاسة فيها من الأمور العرضية . 2 - أن الرجس في الآية لا يراد منه القذارة الظاهرية لكي ينازع في اختصاصه بالأعيان النجسة أو شموله الأعيان المتنجسة أيضا ، بل المراد منه القذارة المعنوية ، أي الخمسة الموجودة في الأمور المذكورة في الآية ، سواء كانت قذرة بالقذارة الحسية أيضا أم لم تكن . والذي يدل على ذلك من الآية اطلاق الرجس على الميسر والأنصاب والأزلام ، فإن من البديهي أن قذارة هذه الأشياء ليست ظاهرية ، ولا شبهة في صحة اطلاق الرجس في اللغة على ما يشمل القذارة الباطنية أيضا [1] . وعليه فالآية إنما تدل على وجوب الاجتناب عن كل قذر بالقذارة الباطنية التي يعبر عنها في لغة الفرس بلفظ : پليد ، فتكون المتنجسات خارجة عنها جزما . 3 - أن جعل المذكورات في الآية من عمل الشيطان أما من جهة كون الأفعال المتعلقة بالخمر والأنصاب والأزلام رجسا من عمل الشيطان ، كما يشير إليه قوله تعالى : إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله [2] .
[1] في مجمع البيان ( 2 : 239 ) : رجس أي خبيث ، وفي مفردات الراغب ( 188 ) : الرجس الشئ القذر ، يقال : رجل رجس ورجال أرجاس ، والرجس على أربعة أوجه أما من حيث الطبع ، وأما من جهة العقل ، وأما من جهة الشرع ، وأما من كل ذلك ، وفي القاموس : الرجس - بالكسر - القذر والمأثم ، وكل ما استقذر من العمل والعمل المؤدي إلى العذاب ، وفي المنجد ( 250 ) : رجس رجاسة عمل عملا قبيحا . [2] المائدة : 93 . وفي مجمع البيان : والمعنى يريد الشيطان ايقاع العداوة بينكم بالاغواء المزين لكم ذلك ، حتى إذا سكرتم زالت عقولكم وأقدمتم على القبائح على ما يمنعه منه عقولكم ، قال قتادة : إن الرجل كان يقامر في ماله وأهله فيقمر ويبقى حزينا سليبا فيكسبه ذلك العداوة والبغضاء ( مجمع البيان 2 : 240 ) .