النجس العنوانات النجسة ، فإن وجه الشئ إنما هو عنوانه فلا يشمل الأعيان المتنجسة ، فإن النجاسة فيها ليست إلا أمرا عرضيا فلا تكون وجها وعنوانا لها . وفيه مضافا إلى ما تقدم في تلك الروايات من ضعف السند والدلالة وعدم انجبارهما بشئ ، أنه إن كان المراد بالحرمة فيها هي الحرمة الذاتية فلا تشمل المتنجس ، بداهة أنها مختصة بالأعيان النجسة ، إذن فيكون المتنجس خارجا عنها بالتخصص . وإن كان بالمراد بها ما يعم الحرمة الذاتية والحرمة العرضية فيلزم على المصنف أن لا يفرق حينئذ بينما يقبل التطهير وما لا يقبله ، فإن موضوع حرمة البيع على هذا التقدير ما يتصف بالنجاسة ، سواء كانت ذاتية أم عرضية ، فامكان التطهير لا يؤثر في زوال الحرمة الفعلية عن موضوعها الفعلي . ومع الاغضاء عما ذكرناه لا دلالة فيها على حرمة بيع المتنجس ، لأنه إن كان المراد بالحرمة فيها حرمة جميع منافع الشئ أو منافعه الظاهرة فلا تشمل المتنجس ، ضرورة جواز الانتفاع به في غير ما يتوقف على الطهارة ، كاطعامه الصبي لو قلنا بجوازه أو البهائم أو ينتفع به في غير ذلك من الانتفاعات المحللة . وإن كان المراد بها حرمة الأكل والشرب فقط فإنها لا تستلزم حرمة البيع ، لما عرفت مرارا من أنه لا ملازمة بين حرمة الأكل والشرب وبين حرمة البيع ، فإن كثيرا من الأشياء يحرم أكلها وشربها ومع ذلك يجوز بيعها . وأما دعوى الاجماع التعبدي على ذلك فجزافية ، فإن مدرك المجمعين هي الوجوه المذكورة على حرمة بيع المتنجس .