قوله : وكذلك أجزائهما . أقول : ظاهر النصوص والاجماعات إنما تمنعان عن بيع الكلب والخنزير بوصفهما العنواني وبصورتهما النوعية التي بها شيئية الأشياء في دار تحققها وصقع تكونها ، وبما أن الأحكام الشرعية إنما تترتب على الموضوعات العرفية فلا مانع من شمول المنع للميتة منهما ، لصدق عنوان الكلب والخنزير عليها ولو بالمسامحة العرفية ، إذن فتكون المعاملة عليها أيضا حراما . وأما أجزائهما فلا شبهة في أنه لا يصدق عليها عنوان الكلب والخنزير ، لا بالدقة العقلية ولا بالمسامحة العرفية ، وعليه فإن كانت مما تحله الحياة شملتها أدلة حرمة بيع الميتة لصدقها عليها وإن جاز الانتفاع بها في غير ما هو مشروط بالطهارة والتذكية . وإن كانت مما لا تحله الحياة كالشعر ونحوه فحرمة البيع والانتفاع هنا متوقفة على مانعية النجاسة عنهما ، إذ من الواضح جدا أن نجاسة الكلب والخنزير لا تختص بما تحله الحياة فقط ، وحيث علمت أنها لا تصلح للمانعية عن البيع ولا عن الانتفاع فلا مانع عن بيعها للعمومات ، ولا عن الانتفاع بها بالمنافع المحللة لأصالة الإباحة . ومن هنا أفتى بعضهم بجواز بيع شعر الخنزير والانتفاع به في غير ما هو مشروط بالطهارة ، وإن منع عن بيعه بعض فقهاء العامة [1] لأنه نجس العين ، فلا يجوز بيعه إهانة له ، نعم بناء على طهارة الخنزير كما ذهب إليه المالك [2] يجوز بيع شعره لعدم نجاسته المانعة عنه .
[1] شرح فتح القدير 5 : 202 . [2] فقه المذاهب الأربعة ( 1 : 11 ) : المالكية قالوا : كل حي طاهر العين ولو كلبا أو خنزيرا ، ومعه نقل في فقه المذاهب ( 2 : 231 ) عن المالكية حرمة بيع النجس ومثله بالخمر والخنزير .