أما الناحية الأولى فلا شبهة في وجوب رد المأخوذ منه إلى مالكه المعلوم لكونه أمانة في يد الآخذ ، وقد دلت الآية [1] على وجوب رد الأمانات إلى أهلها ، ولا يفرق في ذلك بين أن يكون علم الآخذ بالحال قبل وقوع المال في يده أو بعده ، وإنما الكلام في معنى الأداء ، فهل هو مجرد اعلام المالك بذلك والتخلية بينه وبين ماله ، أم حمله إليه واقباضه منه ؟ قد يستظهر الثاني من الآية ، فإن الظاهر من رد الأمانات إلى أهلها هو الرد الحقيقي ، أي حملها إليهم واقباضها منهم ، ولكن المرتكز في أذهان عامة أهل العرف والظاهر من ملاحظة موارد الأمانات أن المراد بأداء الأمانة إنما هو التخلية بينها وبين صاحبها ، كما عليه أكثر الفقهاء [2] . ويؤيد ما ذكرناه بل يدل عليه أن المودع إذا طلب من الودعي حمل الوديعة إليه ذمه العقلاء ، خصوصا إذا بعد موضع أحدهما عن الآخر واحتاج النقل إلى المؤونة ، بل ربما يستلزم الحمل الحرج والضرر ، وهما منفيان في الشريعة المقدسة ، فافهم . نعم لو نقلها الودعي من بلد الايداع إلى بلد آخر بغير داعي الحفظ وبدون إذن المالك وجب عليه ردها إلى بلد الوديعة . وأما الناحية الثانية ، أعني ما إذا كان المالك مجهولا ، فيقع الكلام فيها من جهات شتى : 1 - وجوب الفحص عن المالك : الجهة الأولى : هل يجب الفحص عن المالك أم لا ؟
[1] قوله تعالى : إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها ، النساء : 61 . [2] التذكرة 2 : 205 ، المسالك 5 : 97 ، جامع المقاصد 6 : 43 ، الحدائق 21 : 426 ، الرياض 1 : 622 ، الكفاية : 133 .