وأما حديث سفهية المعاملة فيرد عليه أولا : أنك قد عرفت مرارا وستعرف في مبحث البيع إن شاء الله أنه لا دليل على بطلان المعاملة السفهية ، وإنما الدليل على بطلان معاملة السفيه ، والدليل هو كونه محجور التصرف في أمواله . وثانيا : قد تقدم في البحث عن بيع الأبوال وغيره ، وسنعود عليه في مبحث البيع أن آية التجارة غريبة عن شرائط العوضين ، بل هي راجعة إلى حصر أسباب المعاملة في الصحيح والباطل . هذا ، مع أن الدليل أخص من المدعى ، فإن المستأجر قد ينتفع بعود النفع إلى غيره ، كما إذا استأجر شخصا على امتثال فرائض نفسه لكي يتعلم المستأجر منه أحكام فرائضه ، أو كان المستأجر من الأمرين بالمعروف والناهين عن المنكر ، وأراد باستئجار المكلفين على امتثال فرائضهم إظهار عظمة الاسلام واخضاع المتمردين والعاصين . وعلى الجملة أن البحث هنا يتمحض لبيان أن صفة الوجوب أو صفة العبادية مانعة عن انعقاد الإجارة أم لا ، بعد الانتهاء عن سائر النواحي التي اعتبرت في عقد الإجارة . أن صفة العبادية لا تنافي الإجارة : مقتضى القاعدة جواز أخذ الأجرة على مطلق العبادات ، سواء أكان الأخذ بعنوان الإجارة أم بعنوان الجعالة ، إذا تم سائر الشروط المعتبرة فيهما ، ولا شبهة أن صفة العبادية لا تنافي الإجارة والجعالة ، وإذن فعمومات صحة المعاملات محكمة . وقد أورد على هذا الرأي بوجوه :