أما إذا توجه الضرر إلى الغير ابتداءا فإن إلزام الشارع بتحمل الضرر لدفعه عن الغير حرجي قطعا ، فيرتفع بأدلة نفي الحرج . وفيه : أنه ظهر جوابه مما ذكرناه من المناقشة في الصغرى ، ووجه الظهور هو عدم الفارق بين توجه الضرر إلى الغير ابتداءا وعدمه . الناحية الرابعة : أن يتوجه الضرر ابتداءا إلى الغير وإلى المكره على تقدير مخالفته حكم الظالم ، كما إذا أكرهه على أن يلجئ شخصا آخر إلى فعل محرم كالزناء ، وإلا أجبره على ارتكابه بنفسه ، وحينئذ فلا موضع لأدلة نفي الاكراه والاضطرار والحرج والضرر ، بداهة أن الاضرار بأحد الطرفين مما لا بد منه جزما ، فدفعه عن أحدهما بالاضرار بالآخر ترجيح بلا مرجح ، وإذن فتقع المزاحمة ويرجع إلى قواعد باب التزاحم . الناحية الخامسة : أن يتوجه الضرر إلى أحد شخصين ابتداءا وإلى المكره على فرض مخالفته الظالم ، ولكن فيما إذا كان الضرر المتوعد به أعظم مما يترتب على غيره ، كما إذا أكرهه على أن يأخذ له ألف دينار أما من زيد وأما من عمرو ، وإلا أجبره على إراقة دم محترم مثلا ، وفي هذه الصورة يجب على المكره أن يدفع الضرر عن نفسه بالاضرار بأحد الشخصين ، فإن حفظ النفس المحترمة واجب على كل أحد ، ويدور الأمر بين الاضرار بأحد الشخصين ، ويرجع في ذلك إلى قواعد باب التزاحم . 2 - جواز قبول الولاية من الجائر لدفع الضرر عن الغير : قوله : الثاني : إن الاكراه يتحقق بالتوعد بالضرر . أقول : الكراهة في اللغة هي ضد الحب ، والاكراه هو حمل الرجل