الأمور التي يراها العامة أحداثا ناقضة للوضوء ، فإن الأمر في هذه الموارد ارشاد إلى ناقضية الأمور المذكورة للوضوء ، كما أن الأمر بالوضوء عقيب البول والنوم ارشاد إلى ذلك أيضا . وحينئذ فيدور الأمر بين حمله على ظاهره من الناقضية بداعي التقية لا الجد ، وبين حمله على الاستحباب ، فالظاهر هو الأول ، فإن حمله على الثاني يستلزم مخالفة الظاهر من جهتين : الأولى : حمل ما هو ظاهر في الإرشاد إلى الناقضية على خلاف ظاهره من إرادة الحكم التكليفي ، الثانية : حمل ما هو ظاهر في الوجوب على الاستحباب . وأما لو حملناه على التقية فلا يلزم منه إلا مخالفة الظاهر في جهة واحدة ، وهي حمل الكلام على غير ظاهره من المراد الجدي . 2 - جواز الكذب لإرادة الاصلاح : قوله : الثاني من مسوغات الكذب إرادة الاصلاح . أقول : لا شبهة في جواز الكذب للاصلاح بين المتخاصمين في الجملة عند الفريقين نصا [1] وفتوى ، وتفصيل ذلك :
[1] عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : الكلام ثلاثة : صدق وكذب واصلاح بين الناس - الحديث ( الكافي 2 : 255 ، عنه الوسائل 12 : 254 ) ، مرسل . وعن عيسى بن حسان قال : سمعت أبا عبد الله ( عليه السلام ) يقول : كل كذب مسؤول عنه صاحبه يوما إلا كذبا في ثلاثة : رجل كايد في حربه فهو موضوع عنه ، أو رجل أصلح بين اثنين يلقي هذا بغير ما يلقي به هذا يريد بذلك الاصلاح فيما بينهما ، أو رجل وعد أهله شيئا وهو لا يريد أن يتم لهم ( الكافي 2 : 256 ، عنه الوسائل 12 : 253 ) ، مجهولة بعيسى بن حسان . وعن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : المصلح ليس بكذاب ( الكافي 2 : 256 ، عنه الوسائل 12 : 253 ) ، صحيحة . وغير ذلك من الروايات المذكورة في المصادر المذكورة . وفي سنن البيهقي : ليس الكاذب من أصلح بين الناس فقال خيرا أو نمى خيرا ( سنن البيهقي 10 : 197 ) ، وغير ذلك من أحاديث العامة .