ومما يؤيد أن الكذب ليس مطلقا من الكبائر ما ورد في مرسلة سيف بن عميرة [1] من التحذير عن الكذب الصغير والكبير ، فإن انقسام الكذب إلى الصغير والكبير يدل على عدم كونه مطلقا من الكبائر ، إلا أن الرواية مرسلة . وفي رواية ابن الحجاج [2] ما يشعر بعدم كون الكذب مطلقا من الكبائر . ولكن الذي يعظم الخطب ما تقدمت الإشارة إليه في مبحث الغيبة ، من أنه لا أثر لهذه المباحث ، فإن الذنوب كلها كبيرة وإن كان بعضها أكبر من بعض ، ولذا اختلفت الأخبار في تعدادها ، ولو سلمنا انقسامها إلى الصغيرة والكبيرة فإن جميعها مضرة بالعدالة ، فإن العدالة هي الاستقامة والاعتدال ، فأي ذنب ارتكبه المكلف فإنه يوجب الخروج عنها . حرمة الكذب في الهزل والجد : هل يحرم الكذب مطلقا وإن كان صادرا بعنوان الهزل ، أو تختص حرمته بالكذب الجدي ؟ فنقول : إن الكذب المسوق للهزل على قسمين ، فإنه قد يكون الهازل بكذبه مخبرا عن الواقع ولكن بداع المزاح والهزل ، من دون أن يكون اخباره مطابقا للواقع ، كأن يخبر أحدا بقدوم مسافر له أو حدوث حادث أو
[1] الكافي 2 : 253 ، عنه الوسائل 12 : 250 . [2] عن ابن الحجاج قال : قلت لأبي عبد الله ( عليه السلام ) : الكذاب هو الذي يكذب في الشئ ، قال : لا من أحد إلا يكون ذلك منه ، ولكن المطبوع على الكذب ( الكافي 2 : 255 ، عنه الوسائل 12 : 245 ) ، حسنة لإبراهيم بن هاشم . أقول : المطبوع على الكذب المجبول عليه ، بحيث صار عادة له ، ومن لا يكون كذلك لا يصدق عليه الكذاب الذي من الصيغ المبالغة ، وهو واضح .