وأن ذم الإمام ( عليه السلام ) إياه في بعض الأحيان إنما هو كتعيب الخضر ( عليه السلام ) سفينة المساكين لئلا يأخذ الغاصب من ورائهم ، بل تبقى صالحة لأهلها ، وقد أورد الكشي ( رحمه الله ) في رجاله روايات عديدة مشتملة على اعتذار الإمام ( عليه السلام ) عن قدح زرارة وذمه والتبري منه لكي يصان زرارة عن كيد الخائنين ولا تصيبنه فتنة المعاندين . ولكن الظاهر أنه لا دلالة في شئ من الروايات المذكورة على مقصود المصنف ، من جواز الغيبة لدفع الضرر عن المقول فيه ، فإنك قد عرفت أن الغيبة إظهار ما ستره الله عليه ، ومن الواضح أنه لم يكن في زرارة عيب ديني ليكون ذكره غيبة ، وإنما ذمه الإمام ( عليه السلام ) وتبرأ منه لحفظ دمه وشؤونه عن الأخطار ، كما عرفت التصريح بذلك فيما أشرنا إليه من الأخبار المتقدمة ، بل الظاهر منها أن قدح الإمام ( عليه السلام ) فيه يدل على رفعة شأنه وعظم مقامه وجلالة مرتبته بحيث لا يرضى الإمام ( عليه السلام ) أن تمسه أيدي الظالمين . 9 - جواز الاغتياب بذكر الأوصاف الظاهرة : أن يكون الانسان معروفا بوصف يدل على عيب ، كالأعمش والأعرج والأشتر والأحول والأصم ، فإنه لا محذور في ذكر المقول فيه بالأوصاف المذكورة وما يجري مجراها ، فقد كثر بين الفقهاء وعلماء الرجال ذكر الرواة وحملة الأحاديث بالأوصاف الظاهرة المعربة عن العيوب . بل وعليه السيرة القطعية من حديث الأيام وقديمها ، بل وكان هذا مرسوما بين الأئمة ( عليهم السلام ) أيضا كما يؤمي إليه بعض الأحاديث الواردة في