موضوع الغيبة : قوله : بقي الكلام في أمور ، الأول : الغيبة اسم مصدر لاغتاب . أقول : وقع الخلاف في تحديد مفهوم الغيبة وبيان حقيقتها ، فالمروي من الخاصة [1] والعامة [2] والمعروف بيننا وبين السنة [3] ، وبعض أهل اللغة [4] أن الغيبة ذكر الانسان بما يكرهه وهو حق ، بل حكى المصنف عن بعض من قارب عصره أن الاجماع والأخبار متطابقان على أن حقيقة الغيبة ذكر غيره بما يكرهه لو سمعه ، ولكن هذا التعريف لا يرجع إلى معنى محصل . فإن المراد من الموصول فيه إن كان هو الذكر ، بحيث يكون حاصله أن الغيبة ذكر غيره بذكر لا يرضى به لو سمعه ، دخل في التعريف ما ليس بغيبة قطعا إذا كره المقول فيه ، كذكره بفعل بعض المباحات ، بل وبعض المستحبات ، من المواظبة على الأدعية والأذكار ، والقيام على النوافل والعبادات ، والالتزام بالزيارات واعطاء الصدقات ، وعليه فالتعريف المذكور تعريف بالأعم . كما أن تعريف المصباح بقوله : اغتابه إذا ذكره بما يكرهه من العيوب
[1] عن أبي ذر في وصية النبي ( صلى الله عليه وآله ) له ، قال : قلت : يا رسول الله وما الغيبة ؟ قال : ذكرك أخاك بما يكره ، قلت : يا رسول الله فإن كان فيه ذاك الذي يذكر به ؟ قال : اعلم أنك إذا ذكرته بما هو فيه فقد اغتبته ، وإذا ذكرته بما ليس فيه فقد بهته ( الأمالي للشيخ الطوسي 2 : 150 ، عنه الوسائل 12 : 281 ، الاختصاص : 226 ، عنه المستدرك 9 : 114 ، مكارم الأخلاق 2 : 363 ، الرقم : 2661 ) ، ضعيفة لأبي المفضل ورجاء وابن ميمون ، وغيرهم . [2] في سنن البيهقي عن أبي هريرة عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) قال : أتدرون ما الغيبة ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال : ذكرك أخاك بما يكره - الحديث ( سنن البيهقي 10 : 247 ) . [3] راجع احياء العلوم للغزالي 3 : 126 . [4] قاموس المحيط 1 : 112 ، النهاية 3 : 399 ، المصباح المنير : 458 .