الظاهر بل المقطوع به أن التطفيف بنفسه ليس عنوانا من العناوين المحرمة ، أعني الكيل بالمكيال الناقص ، وكذا البخس في الميزان ، مع وفاء الحق كاملا [1] . ووجه الوهن أن التطفيف قد أخذ فيه عدم الوفاء بالحق ، والبخس هو نقص الشئ على سبيل الظلم ، وهما بنفسهما من المحرمات الشرعية والعقلية ، على أنه قد ثبت الذم في الآية الشريفة على نفس عنوان التطفيف ، فإن الويل كلمة موضوعة للوعيد والتهديد ، ويقال لمن وقع في هلاك وعقاب ، وكذلك نهى في الآيات المتعددة عن البخس كما عرفت آنفا ، وظاهر ذلك كون التطفيف والبخس بنفسهما من المحرمات الإلهية . قوله : ثم إن البخس في العدد والذرع يلحق به حكما وإن خرج عن موضوعه . أقول : قد عرفت أن التطفيف والبخس مطلق التقليل والنقص على سبيل الخيانة والظلم في ايفاء الحق واستيفائه ، وعليه فذكر الكيل والوزن في الآية وغيرها إنما هو من جهة الغلبة ، فلا وجه لاخراج النقص في العدد والذرع عن البخس والتطفيف موضوعا والحاقهما بهما حكما . صحة المعاملة المطفف فيها وفسادها : قوله : ولو وازن الربوي بجنسه فطفف في أحدهما ، فإن جرت المعاوضة - الخ . أقول : قد عرفت أنه لا اشكال في حرمة التطفيف تكليفا ، فإجارة نفسه عليه كإجارة نفسه على سائر الأفعال المحرمة محرمة وضعا وتكليفا ، كما عرفت مرارا .