نام کتاب : مصباح الفقاهة في المعاملات - المكاسب المحرمة ( موسوعة الإمام الخوئي ) نویسنده : الشيخ محمد علي التوحيدي جلد : 1 صفحه : 494
أُطلقت الكبيرة عليها بالتشكيك على اختلاف مراتبها شدّة وضعفاً ، وعليه فلا وجه للنزاع في أنّ الغيبة من الكبائر أم من الصغائر . وقد اختار هذا الرأي جمع من الأصحاب ، بل ظاهر ابن إدريس في كتاب الشهادة من السرائر دعوى الإجماع عليه ، فإنه بعد ما نقل كلام الشيخ في المبسوط [1] الظاهر في أنّ الذنوب على قسمين : صغائر وكبائر ، قال : وهذا القول لم يذهب إليه ( رحمه الله ) إلاّ في هذا الكتاب - أعني المبسوط - ولا ذهب إليه أحد من الأصحاب ، لأنّه لا صغائر عندنا في المعاصي إلاّ بالإضافة إلى غيرها [2] . ومن هنا يتّضح أنّ الأخبار الواردة في عدّ الكبائر إنّما هي مسوقة لبيان عظمها بين سائر الذنوب لا لحصر المعاصي الكبيرة بالأُمور المذكورة ، وعليه يحمل قوله تعالى : ( إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ ) [3] . ومع الإغضاء عمّا ذكرناه فلا ثمرة للنزاع في الفرق بين الكبائر والصغائر ، فإنّ الذنوب كلّها تضرّ بالعدالة وتنافيها ، فإنّ العدالة هي الاعتدال في الدين والاستقامة على طريقة سيّد المرسلين ، وارتكاب أيّة معصية وإن كانت صغيرة يوجب الانحراف في الدين ، والخروج عن الصراط المستقيم ، لكون ذلك هتكاً للمولى وجرأة عليه ، كما أنّ الخروج عن الطرق التكوينية انحراف عنها . ولو سلّمنا أنّ الصغائر لا تنافي العدالة إلاّ أنّ الغيبة من الكبائر ، فإنّ الكبيرة ليست لها حقيقة شرعية لنبحث فيها ، بل المراد بها هو معناها اللغوي ، وهو الذنب العظيم عند الشارع . ويعرف عظمه تارة بالنصّ على كونه من الكبائر كالشرك