نام کتاب : مسالك الأفهام إلى آيات الأحكام نویسنده : الجواد الكاظمي جلد : 1 صفحه : 354
ذلك مرادا هنا ، ومع هذا الاحتمال لا تتمّ المعارضة به ، وعن الثاني بالفرق بينه وبين الصلاة فإنّها بمجرّدها عبادة بخلاف الاعتكاف فإنّه بمجرده لا يكون عبادة فاشترط فيه الصوم ، ولعلّ ظاهر الآية يشعر بالاشتراط . إذ المخاطب بالنهي عن المباشرة حال الاعتكاف هم الصائمون فاستفيد منها جوازه للصائم وكان مشروعيّته لغيره متوقّفة على الدليل إذ هي عبادة يتوقّف التعبّد بها على الورود من الشارع وهل يتقدّر الاعتكاف بزمان أم لا ؟ . فقالت الشافعيّة : لا يتقدّر بزمان أصلا حتّى لو نذر اعتكاف ساعة صحّ ولو نذر اعتكافا مطلقا خرج عن النذر باعتكافه ساعة كما لو نذر أن يتصدّق مطلقا فإنّه يخرج عن النذر بالتصدّق بما شاء ، وقال أبو حنيفة ومالك : لا يجوز اعتكاف أقلّ من يوم بشرط أن يدخل قبل طلوع الفجر ، ويخرج قبل غروب الشمس والَّذي ذهب إليه أصحابنا أنّ الاعتكاف لا يكون في أقلّ من ثلاثة أيّام ، وقد انعقد إجماعهم عليه ، وتظافرت به الأخبار الواردة عن الأئمّة الأطهار عليهم السّلام ، وتمام الكلام يعلم من محلَّه . « تِلْكَ حُدُودُ الله » أي الأحكام الَّتي ذكرت صريحا أو ضمنا على ما عرفت . « فَلا تَقْرَبُوها » نهي أن يقرب الحدّ الحاجز بين الحقّ والباطل لئلَّا يداني الباطل فضلا عن أن يتخطى عنه ، وفيه مبالغة ليست في قوله : فلا تعتدوها ، وفي الحديث عنه صلى اللَّه عليه وآله قال : ألا وإنّ لكلّ ملك حمى وإنّ حمى اللَّه محارمه [1] ومن رتع حول
[1] الحديث هكذا ، عن النعمان بن بشير يقول : سمعت رسول اللَّه ( ص ) يقول : الحلال بين والحرام بين وبينهما مشبهات لا يعلمها كثير من الناس فمن اتقى المشبهات استبرأ لدينه وعرضه ومن وقع في الشبهات كراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يواقعه ألا وإن لكل ملك حمى ألا وإن حمى اللَّه في أرضه محارمه ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب . والحديث أخرجه البخاري في كتاب الايمان ج 1 ص 135 فتح الباري وفي كتاب البيوع ج 5 ص 194 ومسلم في المساقاة والمزارعة ج 11 ص 26 شرح النووي ، وأبو داود في البيوع ج 3 ص 331 الرقم 3329 و 3330 والنسائي البيوع ج 7 ص 241 والأشربة ج 8 ص 327 والترمذي البيوع ج 3 ص 511 الرقم 1205 في الطبعة الأخيرة وابن ماجة في الفتن ص 1318 الرقم 3984 والدارمي البيوع ج 2 ص 245 ورواه في كتب الشيعة ابن الشيخ في الأمالي ص 242 الجزء الثالث عشر وهو في جامع أحاديث الشيعة ص 91 من المقدمات الرقم 641 ورواه في مستدرك الوسائل ج 3 ص 190 عن غوالي اللآلي ، وعن الشيخ ورام ورواه مرسلا في الكشاف وكنز العرفان ، والمجازات النبوية وغيرها ، وفي ألفاظ الحديث في المصادر التي سردناها يسير اختلاف يعرف بعد المراجعة ولم يقع الزيادة التي في أولها ألا وإن في الجسد مضغة في كثير من الروايات وتفرد بها في الصحيحين من طريق زكريا وادعى باض أن التمثيل بالحمى مدرج في الحديث ، وليس من كلام النبي ( ص ) حكاه أبو عمرو الداني وأيد في الفتح عدم الإدراج بثبوت المثل مرفوعا في رواية ابن عباس وعمار بن ياسر ثم المشبهات بوزن مفعلات بتشديد العين المفتوحة كما بعض الروايات . بمعنى أنها شبهت بغيرها مما لم يتبين حكمها على التعيين ، والمشتبهات كما في بعض الروايات بوزن مفتعلات بتاء مفتوحة وعين خفيفة مكسورة بمعنى أنها موحدة اكتسب الشبهة من وجهين متعارضين ليست بواضحة الحل والحرمة ، والشبهات جمع شبهة ، واستبرأ لدينه وعرضه أي حصل له البراءة لدينه من الذم الشرعي وصان عرضه عن كلام الناس فيه . ثم إن للسيد الأجل الشريف - قدس سره - بيان في شرح الحديث في كتاب المجازات النبوية ص 80 يعجبنا نقله قال - قدس سره - : ومن ذلك قوله عليه السلام في كلام طويل : « وليس من ملك إلا وله حمى ألا وإن حمى اللَّه محارمه فمن أرتع حول الحمى كان قمنا أن يرتع فيه » وهذا الكلام مجاز لأنه عليه السلام شبه ما حظره اللَّه سبحانه من محارمه بالحمى الذي يحميه ذو السلطان والملكة من مواقع السحاب ومنابت الأعشاب فلا ترعى فيه إلا إبله وينزل به الأحبة ، وما كان يفعل ذلك من العرب إلا الأعز فالأعز والأبر فالأبر حتى ضربت العرب المثل بحمى كليب ابن ربيعة وهو كليب وائل في أنه رجل حرام وممنوع لا يرام فقالوا : أعز من حمى كليب فجعل عليه السلام ما حظر اللَّه سبحانه على العباد من المحارم كالحمى الذي يجب عليهم الا يطوروا به ولا يمروا بجوانبه ، ومن خالف اللَّه منهم أرصد له العقاب وانتظر له النكال فما حرم سبحانه من الأشياء حمى لا ترعى ، وما أحل منها مرعى لا تحمى ، وقوله عليه السلام : فمن أرتع حول الحمى كان قمنا أن يرتع فيه يريد التحذير من الإلمام بشيء من صغائر الذنوب لئلا يكون ذلك مجريا على الوقوع في كبائرها والنهول في معاظمها وهذه من أحسن العبارات عن هذا المعنى ، وهذا الغرض نحاه عمر بن عبد العزيز بقوله : دع بينك وبين الحرام جزء من الحلال فإنك إن استوفيت الحلال كله تاقت نفسك إلى الحرام وانتهى كلامه رفع مقامه . ثم إن الراوي في جميع المصادر التي سردناها سوى ما روى فيه مرسلا هو النعمان بن بشير . وادعى أبو عمرو الداني أنه لم يروه غيره قال في الفتح : إن أراد من وجه صحيح فمسلم والا فقد رويناه من حديث ابن عمر وعمار في الأوسط للطبراني ، ومن حديث ابن عباس في الكبير له ، ومن حديث واثلة في الترغيب للأصبهاني وفي أسانيدها مقال . ثم النعمان بن بشير هو الصحابي ابن الصحابي والصحابيه أبو عبد اللَّه النعمان بن بشير بن سعد بن ثعلبة ابن جلاس بضم الجيم وتخفيف اللام وقال ابن مأكولا في ص 170 ج 3 من الإكمال خلاس بفتح الخاء وتشديد اللام ابن زيد بن مالك بن ثعلبة بن كعب بن الخزرج ولد على رأس أربعة عشر شهرا من الهجرة على الأصح وهو أول مولود من الأنصار بعد الهجرة في قول روى له عن رسول اللَّه ( ص ) مائة وأربعة عشر حديثا اتفق البخاري ومسلم منها بخمسة وانفرد البخاري بحديث ومسلم بأربعة . واستعمل النعمان معاوية على حمص ثم على الكوفة واستعمله عليهما بعده يزيد بن معاوية قتل بالشام بقرية من قرى حمص في ذي الحجة سنة أربع وستين انظر تهذيب الأسماء واللغات للنووي ج 2 ص 129 الرقم 194 والإصابة ج 3 ص 529 الرقم 870 والاستيعاب بذيل الإصابة ج 3 ص 522 وأسد الغابة ج 5 ص 22 وفيه أيضا نقل الحديث عنه ورسالة الحر العاملي في تحقيق الصحابة ص 113 الرقم 417 وكتاب الجمع بين رجال الصحيحين ج 2 ص 531 الرقم 2069 واستدلوا بالحديث على صحة تحمل الصبي المميز للحديث فان النعمان كما قد عرفت كان عند وفاة النبي ( ص ) ابن ثمان سنين ، ونقل عن الواقدي أن النعمان لا يصح سماعه عن النبي . ( ص ) انظر بحث صحة تحمل الصبي للحديث في شرح بداية الدراية للشهيد الثاني - قدس سره - ط إيران 1309 ص 103 ومقباس الهداية للمامقاني ص 160 وتوضيح الأفكار بتعليقات محمد محي الدين عبد الحميد ج 2 من ص 286 إلى 294 وحاشية لقسط الدرر يشرح متن نخبة الفكر للعدوى الشاذلي من ص 173 إلى 175 ونزهة النظر لابن حجر ص 126 والكفاية للخطيب البغدادي ص 54 والباعث الحثيث لابن كثير ص 56 وعلوم الحديث للدكتور صبحي الصالح ص 127 وتدريب الراوي للسيوطي من ص 236 إلى 239 ثم أنهم أنشدوا في شأن هذا الحديث وعدوها رابع أربعة : عمدة الدين عندنا كلمات * مسندات من قول خير البرية اترك المشبهات وازهد ودع ما * ليس يعنيك وأعملن بنية
354
نام کتاب : مسالك الأفهام إلى آيات الأحكام نویسنده : الجواد الكاظمي جلد : 1 صفحه : 354