نام کتاب : مسالك الأفهام إلى آيات الأحكام نویسنده : الجواد الكاظمي جلد : 1 صفحه : 185
الحرام عام الحديبيّة . فإنّ العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب كما تقول لمن أذى صالحا واحدا : من أظلم ممّن أذى الصالحين ، ومثله « وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ » [1] والمنزول فيه الأخنس بن شريق وهو في القرآن كثير ، ولو قلنا : إنّ المراد جميع المساجد نظرا إلى عموم اللفظ أيضا فلا إشكال في العموم . وكذا لو قيل : إنّ المراد بها جميع الأرض لقوله صلى اللَّه عليه وآله : جعلت لي الأرض مسجدا وترابها طهورا . وقد اعترف البيضاوي والكشّاف بعموم التحريم . « وسَعى فِي خَرابِها » إمّا بالهدم أو بتعطيل الذكر ويمكن حمله على ماله دخل في خرابها ويرجع فيه إلى العرف . فكلّ ما يعدّ تخريبا فهو حرام كهدم جدرانها وأخذ فرشها وأشغالها بما ينافي العبادة وغير ذلك . فيكون فيها دلالة على تحريم جميع ذلك كما قاله الفقهاء . ويحتمل أن يكون إيرادا لما تقدّم بعنوان آخر موضحا لقبحه وبيانا لشدّته ومبالغة في التفضيح والتشنيع فيفيد أنّ المنع من الذكر سعى في خرابها ، وقد يشعر بأنّ في الذكر تعميرا ، وفي المنع تخريبا بل لأنّ المنع تخريب والذكر تعمير . قيل : إنّ قوله « ومَنْ أَظْلَمُ » الَّذي هو في قوّة ليس أحد أظلم ليس على عمومه لأنّ الشرك أعظم من هذا لقوله « إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ » [2] وكذا الزنا وقتل النفس . وأجيب بأنّ الظلم وضع الشيء في غير موضعه ، وإذا كان المسجد موضوعا لذكر اللَّه فيه فالمانع من ذلك وضع الشيء في غير موضعه فيكون ظالما ، وأمّا أنّه لا أظلم منه فلأنّه إن كان مشركا فقد جمع مع الشرك هذه الخصلة الشنعاء فهو أظلم من الشرك وحدة ، وإن كان يدّعي الإسلام ففعله مناقض لدعواه لأنّ من اعتقد أنّ له معبودا